الأربعاء, مايو 21, 2025
14.1 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

الجريدة تكون “حرّة” أو لا تكون

الحرة بيروت ـ بقلم: محمد علي مقلّد

أكتب في الصحافة منذ خمسين عاماً، من عمر الحرب الأهلية. أول بضعة نصوص نشرتها في جريدة “النداء” تحت عنوان “الفرح المر”. فرح له طعم المرارة، لأن الحزب الذي اخترت الانخراط فيه شكّل حافزاً للبحث عن عوالم جديدة من القيم والمعرفة والصداقات، ولأنني اخترت لحظة غير مناسبة، إذ كانت البلاد تعدّ العدة لخوض الحرب الأهلية.

لم أكتب لقاء بدل مالي، ما يعني أنني بقيت هاوياً. هواية مجانية وضع حداً لها الشاعر سعيد عقل عندما رحنا ندعوه للمشاركة في مهرجان الربيع في صيدا في منتصف التسعينات. وافق شرط حصوله على مبلغ مالي. قال، لست بحاجة إلى مال، فأنا أقدم جائزة كل شهر لأحد المبدعين، ودعانا إلى الاقتداء به لنتعلم أن للوقت ثمناً، وأنه ينبغي أن يكون لكل صاحب مهنة بدل أتعاب. الكتابة مهنة. وقال، هل يقضي لك النجار أو الحداد أو السمكري حاجة من غير أن يتقاضى أجراً؟!

راتبي الشهري كأستاذ جامعي أعفاني من مقايضة الرقابة بالأجر، فكنت أحجب نصوصي عن أي جريدة تعترض على مقطع أو عبارة. وأشهد أن الصديق بشارة شربل نشر لي في صيف وخريف 2006 ستة نصوص طويلة في جريدة “البلد” التي كان يرئس تحريرها. تناولت فيها بالنقد القاسي من غير تجريح “الانتصار الذي كان ينبغي تفاديه”، و”الفائض العسكري والخواء السياسي” لدى حزب الله، في وقت كان المطبلون والمزمرون يتسابقون في مديح الظل العالي.

بعد أن توقفت “البلد” عن الصدور ورقياً أنشأ بشارة منصة إلكترونية ودعاني لأن أنشر فيها مقالة أسبوعية على امتداد عام. وحين صدرت جريدة “نداء الوطن” وتولّى رئاسة تحريرها، ثابرت على الكتابة فيها على امتداد سنواتها الخمس عن موضوع واحد هو ثورة 17 تشرين. كانت جريدة الثورة بلا منازع، وتميزت بتعدد آراء كتّابها. ظهر ذلك واضحاً على صفحاتها منذ ولادتها حتى توقفها عن الصدور. مع ذلك لم يفسد اختلاف الرأي  للود قضية الثورة، واستمرت كما بدأت حتى الرمق الأخير.

الصحيفة التي لا تحمل قضية تتحول إلى ورق لتغليف المناقيش أو لتنظيف الزجاج. أما الإلكترونيات فقد أفسدت السلطة الرابعة حين صار كل محمول منصة إعلامية وكل شتام من قطاع الممانعة وقطيعها صحافياً. هل ستظل الثورة قضية “الحرة” بعد أن تفرق الشمل وافترق نواب أنجبتهم قوى الثورة؟ ماذا وقد قيل إنها خمدت؟ لقد فاجأت أنصارها وأعداءها بانتقال لبنان إلى جمهورية ثالثة؟ فهل ستفاجئ “الحرة” جمهورها ذات غد بتحولها من منصة إلكترونية إلى جريدة ورقية؟

مع الانتقال من الثورة إلى الدولة سيزداد العبء على الصحافة الحرة. ثلاثيتها الذهبية ستكون، الحرية والدولة والنقد البناء.

رابط المقال: https://hura7.com/?p=50563

رابط العدد: https://hura7.com/?p=50468

الأكثر قراءة