الحرة بيروت ـ بقلم: مروان الأسمر، ناقد وباحث دكتوراه في مجال الحكومة الإلكترونية والسياسات العامة
بعد التغيرات التي شهدها لبنان مؤخراً والجو السياسي العام الواعد ببناء دولة حديثة مواكبة للتحولات العالمية، وفي عصر التحول الرقمي، أصبحت الحكومة الإلكترونية في لبنان ضرورة ملحَّة، لتقديم خدمات أكثر كفاءة وشفافية، مما يسهل حياة المواطنين ويوفر الوقت والجهد. ومن خلال تطبيقها في قطاع التربية والتعليم، يمكن للطلاب وأولياء الأمور والمعلّمين الوصول إلى الخدمات بسرعة وسهولة، مما يعزز التجربة التعليمية ويساهم في تطوير النظام التعليمي مع تقليل نسبة الفساد الى حدودها الدنيا.
فماذا يجب أن يتوقع المواطن اللبناني من خدمات الحكومة الإلكترونية في وزارة التربية؟
- سهولة الوصول إلى الخدمات: يجب أن يكون التقديم للمدارس والجامعات والمنح الدراسية أو طلب الشهادات سهلاً ومتاحاً بالكامل عبر الإنترنت دون الحاجة إلى معاملات ورقية أو زيارات للمكاتب.
- منصات رقمية سهلة الاستخدام: يجب أن تكون المواقع والتطبيقات الحكومية واضحة، منظمة جيداً، ومتاحة بعدة لغات لضمان سهولة الاستخدام للجميع.
- توفُّر المعلومات على مدار الساعة: يجب أن تكون المعلومات المتعلقة بالتعليم، مثل الجداول الأكاديمية ومواعيد الامتحانات والسياسات التعليمية متاحة دائماً للمستخدمين. كما يجب أن توفر خدمة الدردشات الآلية (الشاتبوت) والمساعدة الفورية.
- أمان وحماية البيانات: يجب حماية السجلات الشخصية والأكاديمية بشكل قوي، مع توفير إجراءات أمان مثل تسجيل الدخول البيومتري أو المصادقة الثنائية لمنع تسرب البيانات.
- عمليات سريعة وشفافة: يجب أن يتمكن المواطن من تتبع معاملاته في الوقت الفعلي ومعرفة وضعها بوضوح، مما يقلل من التأخير والانتظار غير الضروري.
- تكامل مع الخدمات الحكومية الأخرى: يجب أن تتكامل الخدمات التعليمية مع الأنظمة الوطنية مثل الهوية الرقمية، ومنصات التوظيف، والسجلات الصحية، بحيث يمكن لأصحاب العمل التحقق بسهولة من مؤهلات الخريجين.
- وسائل تعليمية رقمية: يجب توفير وسائل تعليمية رقمية مثل الدورات التدريبية عبر الإنترنت، وتدريب المعلمين، والمكتبات الإلكترونية لدعم التعلم المستمر.
- قنوات بسيطة للشكاوى والتغذية الراجعة: يجب أن يكون من السهل على المواطنين تقديم الشكاوى أو الاقتراحات لتحسين الخدمات. إن الإستجابة السريعة لهذه الملاحظات تبني الثقة بين النظام الرقمي الحكومي والمواطن.
- خدمات متاحة للجميع: يجب أن تراعي المنصات الحكومية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال دعم تقنيات مثل القراءة الصوتية، وأوامر التحكم الصوتي، والأدوات التعليمية التكيفية.
- تحسين مستمر وابتكار متواصل: يجب أن تعمل الحكومة على تحديث الخدمات بشكل دائم، من خلال استخدام تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، وتقنية البلوكشين لتوثيق الشهادات، وتحليل البيانات لاتخاذ قرارات تعليمية أفضل.
في نفس السياق، إليكم 4 أمثلة على نجاح الحكومة الإلكترونية في وزارة التربية في 4 دول مختلفة:
ألمانيا: منصة التعليم الرقمي “سكوول كلاود” 2016
استثمرت ألمانيا في التحول الرقمي في التعليم من خلال منصة، التي طُورت بدعم من وزارة التعليم والبحوث الفيدرالية. توفر هذه المنصة بيئة تعليمية رقمية متكاملة للمدارس، حيث يمكن للطلاب والمعلمين الوصول إلى المواد الدراسية، إجراء الاختبارات، والتفاعل عبر الإنترنت، مما يعزز التعلم عن بُعد ويقلل من الاعتماد على الوسائل التقليدية.
بلجيكا: مشروع “سمارت ادوكايشن” 2013
في بلجيكا، حققت منطقة فلاندرز تقدماً كبيراً في التعليم الإلكتروني من خلال مبادرة التي تهدف إلى دمج التكنولوجيا الحديثة في المدارس. من خلال هذه المبادرة، يتم تزويد المدارس بأجهزة ذكية، وتقديم مواد تعليمية تفاعلية عبر الإنترنت، مما يحسن تجربة التعلم ويواكب التطور الرقمي.
الإمارات: منصة “مدرسة” للتعليم الإلكتروني 2018
أطلقت الإمارات العربية المتحدة منصة “مدرسة” وهي واحدة من أكبر المنصات التعليمية الإلكترونية في العالم العربي، توفر أكثر من 5000 درس تعليمي مجاني في مختلف المواد والمراحل الدراسية. هذه المنصة تدعم التعلم الذاتي وتتيح للطلاب إمكانية الوصول إلى محتوى تعليمي متطور بجودة عالية، مما يعزز التعليم الرقمي في الدولة.
السعودية: نظام “نور” لإدارة التعليم 2011
طوّرت المملكة العربية السعودية نظام “نور” وهو نظام إلكتروني متكامل يتيح للطلاب وأولياء الأمور والمعلمين الوصول إلى جميع الخدمات التعليمية عبر الإنترنت، مثل تسجيل الطلاب، متابعة الدرجات، وإدارة الحضور والغياب. هذا النظام ساهم في تحسين كفاءة العملية التعليمية وجعل الخدمات أكثر سهولة وشفافية.
لطالما تميَّز لبنان بدوره الريادي في مجال التعليم المدرسي والجامعي لذلك، وللمحافظة على ما تبقى من هذا الدور، يجدر بالحكومة التركيز على كل النقاط السابقة لكي يمكن لوزارة التربية اللبنانية تقديم تجربة رقمية حكومية فعّالة وموثوقة وسهلة الاستخدام يستفيد منها المواطن اللبناني.