الحرة بيروت
في بلدة بيت مري، حيث تختلط الجغرافيا الخضراء بذاكرة صراعات البلديات القديمة والجديدة، تعود قضية “معمل النفايات” إلى الواجهة، لا كأمر واقع بل كأداة انتخابية في معركة لا تنقصها الحملات التشهيرية، والاتهامات التي تُرمى جزافاً على مجلس بلدي يشارف على نهاية ولايته. وفي خضمّ هذا التوتّر المتصاعد، كسر رئيس بلدية بيت مري، المحامي رووي أبو شديد، صمته، واختار الردّ لا بالخطابات، بل بالوقائع والقرارات الموثقة، نافضاً غبار الحملات المغرضة عن ملفّ أُقفل منذ سنوات، لكنّه لا يزال يُستحضر كلما دقّت ساعة المواجهة الانتخابية.
في هذا السياق، فنّد أبو شديد، في بيان مفصّل، ما وصفه بـ”محاولات التسويق الكاذب” التي تتّهم المجلس البلدي الحالي بتمرير تصنيفات عقارية تتيح إنشاء ما تم الترويج له على أنه “محرقة أو مزبلة”، حيث جاء في نص البيان:
“خلافاً لما يحاول البعض التسويق له لجهة الزعم بأن أعضاء المجلس البلدي الحالي ورئيسه تعمّدوا تمرير مشروع تصنيف بيت مري بغية إنشاء “محرقة ومزبلة” بحسب زعمهم، كل ذلك بهدف الإساءة إلى كل ما قام به المجلس البلدي طيلة تسع سنوات من العطاء والعمل المضني لمواجهة الصعوبات التي مرت بها البلاد، بشكل عام، والبلديات، بشكل خاص، متعمدين تجاهُل الإنجازات الكثيرة، وأهمها ملف إدارة النفايات في البلدة، أكان لجهة الجمع والمعالجة، والحالة التي كانت عليها الطرقات والشوارع طيلة مدة عمل المجلس ولغاية تاريخه، مقارنة مع باقي القرى والبلدات. يهمّ رئيس بلدية بيت مري، المحامي رووي أبو شديد، أن يؤكد على ما يلي:
- إن مشروع معمل النفايات الذي كان من المقرر إنشاؤه بموجب قرار المجلس البلدي رقم 95 تاريخ 17/7/2018 قد تقرر إلغاؤه بموجب القرار رقم 118 تاريخ 26/09/2018، وبناء على قرار مجلس شورى الدولة رقم 81/2018-2019 تاريخ 26/11/2018، وقد أصبح من الماضي.
- لقد قام المجلس البلدي طيلة مدة ولايته بقمع أي تعدّ على البيئة والطبيعية ضمن النطاق البلدي، لا سيما أي رمي عشوائي للنفايات في المنطقة والوادي، بجميع الوسائل القانونية المتاحة، وسعى إلى المحافظة على النظافة في البلدة وشوارعها بجميع الوسائل الممكنة والتي كانت متاحة له.
- إن إقرار المخطط التوجيهي العام لبلدة بيت مري بدأ عام 2017 عندما أصدر المجلس البلدي القرار رقم 102 بتاريخ 26 تموز 2017، حيث وافق فيه على تعديل المخطط التوجيهي والنظام التفصيلي العام لمنطقة بيت مري العقارية، وجرى تعديله بالقرار رقم 47 بتاريخ 28 آذار 2018، بناءً لتوصيات المجلس الأعلى للتنظيم المدني، وتقرر المصادقة عليه بصورة نهائية بموجب القرار الرقم 26 تاريخ 19 شباط 2020، وبالتالي، فإن ما يسوّق له بأنه جرى تمريره خلسة أمر غير صحيح.
- إن كتاب تصنيف منطقة بيت مري – كما ورد في المرسوم رقم 13463 المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 06/06/2024 – يستند إلى ملاحظات ودراسات أجرتها جميع الجهات المختصة كالمديرية العامة للآثار (بتاريخ 5 تموز 2018) والمديرية العامة للصناعة (بتاريخ 19 تشرين الأول 2018)، ليُتوّج بموافقة نهائية من مجلس بلدية بيت مري بتاريخ 19 شباط 2020. وهذا يعني، ببساطة، أن التصنيف التقني الذي سُمح بموجبه بإنشاء معمل الفرز والمعالجة، بدأ قبل حتى قرار إنشاء المعمل نفسه، وتطوّر ضمن المسارات الإدارية الرسمية التي استمرت لأكثر من سبع سنوات، لا كـ”صفقة مشبوهة” كما روّجت لها بعض الحملات السياسية والإعلامية التي تحاول تشويه سمعة البلدية ورئيسها. ولو كان للبلدية أي رغبة أو دور في إصداره، لكان صدر خلال عام 2020 وليس بعد أربع سنوات.
- إن تخصيص منطقة “I2” (منطقة مخصصة لإنشاء معمل لفرز وإعادة تدوير النفايات) لا يعني بأي شكل من الأشكال إنشاء محرقة أو مزبلة كما يسوّق له وكما جرت عليه عملية معالجة النفايات في الماضي. وفي مطلق الأحوال، ليس من الضرورة استعمالها لإنشاء معمل لمعالجة النفايات عليها، ولا شيء يمنع المجلس البلدي المقبل من اتخاذ القرار بإعادة النظر بهذا التصنيف.
- إن حل أزمة النفايات هو واجب على الدولة اللبنانية، لكن تقاعُص الدولة في إيجاد الحلول المستدامة كان السبب الرئيس في محاولة العمل على إنشاء المعمل الذي – مجدداً – أصبح اليوم من الماضي بعد أن تقرر إلغاؤه.
- إن جميع حملات التشهير والتخوين التي تساق بحقّ رئيس وأعضاء البلدية سببها الإساءة إليهم، لأن من خلفها لم يستطيعوا أن يسجّلوا بحقّهم أي ملفات فساد أو شبهات رشوة كما كانت عليه الأمور في السابق، فكان لا بدّ لهم من نبش ملف تقرر إيقافه (كملف معمل النفايات)، وتحويله إلى أداة تشهير انتخابية.
أخيراً، إن الانتخابات البلدية ونتيجتها هي ثمار ما زُرع طيلة فترة عمل المجلس البلدي، وبالتالي، فإن نتائجها سوف تكون حاسمة لدحض أية افتراءات وشائعات تساق بحقّ المجلس ورئيس البلدية، على أمل أن تكون الحملات الانتخابية مبنية على مشروع وليس على إساءات شخصية، إذ عند انتهاء عملية الفرز، سوف يعود أبناء البلدة الواحدة إلى التلاقي في شوارع هذه البلدة الجميلة ومنازلها بروح المحبة والأخوّة، كما كان شأنها في السابق”.
ختاماً، ما بين مشاريع مُلغاة، وقرارات موثقة، وحملات تشهيرية لا تهدأ، يطرح بيان رئيس بلدية بيت مري سؤالاً أعمق: لماذا يُستعاد الماضي البيئي للبلدة كلما اقتربت الانتخابات؟ وهل تحوّلت الملفات الإنمائية إلى سلاح في معركة يختلط فيها الشخصي بالسياسي؟
في الانتظار، يراهن أبو شديد على “ذاكرة أبناء البلدة”، وعلى قدرة الصناديق على التمييز بين من خدم بإنجاز، ومن يتقن فقط فنّ التشويه الانتخابي.
وفي كل الأحوال، بيت مري لا تزال نظيفة… ليس فقط في شوارعها، بل في معاييرها السياسية، إن أراد الناخبون ذلك.