جريدة الحرة
وكالات ـ ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” أن ألمانيا تخلت عن “معارضتها التاريخية للطاقة النووية” داخل الاتحاد الأوروبي، ولم تعد تعارض المساعي الفرنسية التي تهدف إلى إدراج الطاقة النووية على قدم المساواة مع مصادر الطاقة المتجددة الخضراء ضمن التشريعات الأوروبية.
ورأت الصحيفة أن هذه الخطوة تمثل أول مؤشر ملموس على التقارب مع فرنسا من جانب الحكومة الجديدة في برلين بقيادة المستشار المحافظ فريدريش ميرتس. وبالنسبة للصحيفة، سيؤدي هذا القرار إلى حل خلاف كبير بين البلدين كان قد عرقل اتخاذ قرارات بشأن سياسة الطاقة في الاتحاد الأوروبي، لا سيما خلال الأزمة التي أعقبت الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا.
وقال دبلوماسي فرنسي رفيع المستوى مشارك في المحادثات: “الألمان أخبرونا أنهم سيكونون عمليين للغاية في مسألة الطاقة النووية”، مضيفاً أن “جميع التحيزات ضد الطاقة النووية، التي لا تزال قائمة هنا وهناك في تشريعات الاتحاد الأوروبي، ستُزال”. ورأت الصحيفة أن هذه الخطوة تأتي في وقت يسعى فيه ميرتس إلى انضمام ألمانيا إلى الدرع النووي الفرنسي كوسيلة ردع ضد أي عدوان روسي مستقبلي.
يذكر أن ميرتس كان من أبرز المنتقدين لقرار بلاده الخروج من الطاقة النووية عام 2011، في عهد منافسته داخل الحزب أنجيلا ميركل، معتبراً أن هذا القرار حرم ألمانيا من كهرباء رخيصة ومضمونة.
وبعد تخليها عن الطاقة النووية، اضطرت ألمانيا إلى زيادة اعتمادها على الفحم الحجري لتعويض النقص في إنتاج الكهرباء، وهو ما أثار انتقادات واسعة بسبب تداعياته البيئية. ففي عام 2023، شكل الفحم نحو 26% من مزيج إنتاج الكهرباء في البلاد، وهو ما يعكس المفارقة في سياسة الطاقة الألمانية التي تروج للتحول الأخضر، لكنها لا تزال تعتمد على أحد أكثر المصادر تلويثاً للبيئة.
كما انتقد ميرتس سلفه أولاف شولتز لإغلاقه آخر ثلاث محطات نووية في ألمانيا، رغم معاناة البلاد من ارتفاع أسعار الطاقة. ورغم أنه لا يعتزم إعادة تشغيل المحطات النووية التقليدية، فقد تعهد بالاستثمار في تقنيات جديدة، من بينها المفاعلات النووية الصغيرة والانصهار النووي، الذي لا ينتج نفايات مشعة طويلة الأمد، خلافاً للانشطار النووي.
ولطالما عارضت ألمانيا جهود باريس لتصنيف الطاقة النووية كـ”خضراء” لأسباب عديدة أبرزها مخاوف برلين من أن تحصل الصناعة الفرنسية على أفضلية تنافسية بفضل أسطولها المكوّن من 56 مفاعلاً نووياً، في حين لا تزال الصناعة الألمانية تعاني من تداعيات ارتفاع أسعار الغاز بعد انقطاع الإمدادات الروسية الرخيصة.