الخميس, نوفمبر 6, 2025
23.4 C
Beirut

الأكثر قراءة

إصدارات أسبوعية

من عهد pro max إلى دولة to be or not to be

د. ميشال الشّمّاعي

 

جريدة الحرة ـ بيروت

يتابع الموفد الأميركي جولته على المسؤولين اللبنانيين. وعلى ما يبدو حتّى الساعة أنّ هذه الجولات المكّكويّة قد باءت بالفشل الذّريع نتيجة تمسّك منظمة حزب الله بموقفها الرّافض تسليم السلاح والالتزام بمندرجات الدّستور اللبناني. وهذا ما يضع الدّولة اللبنانيّة أمام واقع لم يعد بالإمكان تجنّبه. فهل سيستطيع هذا العهد أن يترجم عمليًّا خطاب قسمه وبيانه الوزاري أمام هذه الوقائع؟ أم سنكون أمام عهد pro max متجدّد يتماشى مع الوقائع الميدانيّة؟ أم أنّنا قد دخلنا عمليًّا في المواجهة الأمميّة على إيقاع الحروب الساخنة في  المنطقة؟

ممّا لا شكّ فيه أنّ الدّولة بمختلف أركانها الوجوديّة قد دخلت في عمق نفق الأزمة، وبصيص الأمل الوحيد الذي قد يبدو في الأفق هو في بسط سيادتها بكلّ جرأة. ولكن للأسف  هذه الدّولة بظاهرها تسعى إلى اكتمال المبدأ السيادي، لكن بعمقها الذي لا تزال فلول محور الممانعة متحكّمة به، تبدو عاجزة أمام شروطه. لذلك، أتى جوابها للموفد الأميركي منسجمًا بالتمام والكمال مع موقف منظّمة حزب الله والمحور الايراني.

وهذا ما دفع الموفد الأميركي إلى اعتبار لبنان “هذه الدّولة بالذات”، كمَن الذي اختار مصيره بيده؛ لذلك عليه تحمّل تداعيات وانعكاسات هذا الخيار. وهذا ما يؤكّد عمليًّا على أرض الواقع، بغضّ النّظر عن حسن النّوايا، أنّ هذا العهد غير قادر على ترجمة التعهّدات التي صدرت في خطاب القسم. فبقول فخامته: “عهدي أن أمارس دوري كقائد أعلى للقوات المسلّحة وكرئيس للمجلس الأعلى للدفاع بحيث أعمل من خلالهما على تأكيد حق الدولة في احتكار حمل السلاح. دولة تستثمر في جيشها ليضبط الحدود ويساهم في تثبيتها جنوبًا وترسيمها شرقًا وشمالًا وبحرًا ويمنع التهريب ويحارب الإرهاب ويحفظ وحدة الأراضي اللبنانية ويطبق القرارات الدولية ويحترم اتفاق الهدنة ويمنع الاعتداءات الاسرائيلية على الأراضي اللبنانية، جيش لديه عقيدة قتالية دفاعية يحمي الشعب ويخوض الحروب وفقًا لأحكام الدستور.” حتّى الساعة هذا العهد الذي قطعه فخامته لا زال خارج الأطر التنفيذيّة.

وللتذكير أنّ هذا العهد الذي أطلقه فخامته لم يكن بعد زيارة أورتاغوس أو باراك أو غيرهم، إنّما أتى في لحظة تبوّئه سدّة الرئاسة. ما يؤكّد أن هذه المطالب التي أعلنها هي مطالب الشّعب اللبناني، وليست استجابة للمطالب الأميركية أو الإسرائيليّة أو الأوروبيّة أو حتى العربيّة. لذلك، بات هذا العهد عاجزًا عن تطبيق  تعهّداته الرئاسيّة والوزاريّة. وما هذا سوى نتيجة لتحكّم دولة الرئيس نبيه برّي بمفاتيح الدّولة العميقة. ولعلّ ما قد يطمح إليه هذا العهد بعد هذا العقم الاستراتيجي الذي أصابه، هو ممارسة نوع من الصبر الاستراتيجي حتى الانتخابات النيابية القادمة التي قد تشكّل وحدها خشبة خلاصه.

فالظهور من الآن وصاعدًا سيكون بحالة “بروماكسيّة” جديدة، تنذر بما هو أسوأ إذ سيصبح لبنان بأكمله مكشوفًا أمام العدو الاسرائيلي. ولقد وضع هذا العهد رقبته تحت مقصلة المحور من جديد. وحتى الساعة لم يعرف كيف يستفيد من الدّعم النيابي المتجلّي بأكبر الكتل النيابيّة، ولا حتّى من المومنتوم الدّولي بعد تتابع الأحداث في الساحتين الإقليمية والدّوليّة.

هذا كلّه يؤكّد المؤكّد. لقد دخلنا في صلب المواجهة مع المجتمع الدّولي وعلى الإيقاع الاسرائيلي هذه المرّة وبالطبع برفع غطاء أوروبيّ وأميركي. فالمراهنة على أيّ دور فرنسي أو عربيّ ساقطة. والأميركي لا يساوم في عهد ترامب. فمشكلة هذا الفكر الذي يدير العهد الجديد هي أنّه لا زال يعتقد أنّ الحكم الأميركي قابل للتفاوض. بينما الحقيقة تكمن في النقيض تمامًا. القرار قد حسم. وإن لم ننقذ أنفسنا فلن ينقذنا أحد. “فمن أجل المساعدة على اللبنانيين تحقيق الاستقرار ويجب سحب سلاح كل الميليشيات في لبنان كما يجب التحلّي بالصبر؛  لكن هناك مشاكل تمنع التطبيق الكامل لِإتِّفَاق وقف إطلاق النار ووجهات النظر متعددة في هذا المجال”. هكذا صرّح باراك من بكركي. وهذا يعني أنّ الحسم الأميركي قد وقع.

وهذا ما يثبت أيضًا أنّ اليد قد أُطلِقَت للإسرائيلي وسنكون أمام حرب تصاعديّة لا حدود فيها. وقد بدأت عمليًّا إسرائيل تصعيدها جنوبًا. مع العلم أنّ هذا التصعيد لم يتوقّف منذ لحظة توقيع اتّفاق وقف اطلاق النّار. فلا يمكن بعد اليوم للمجتمع الدّولي أن يقبل بأيّ حالة شاذّة في منطقة الشرق الأوسط. إمّا أن تكون الدّولة دولة وإمّا ألّا تكون.

https://hura7.com/?p=62329

 

 

الأكثر قراءة