الثلاثاء, أبريل 22, 2025
17.9 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

من نفايات إلى مبيدات: باحثون يحوّلون قشور الصبار إلى سلاح طبيعي في وجه الآفات الزراعية

الحرة بيروت ـ خاص

في تحول علمي يحمل آفاقًا واعدة للزراعة المستدامة، يعمل باحثون في جامعة تكساس ريو جراندي فالي على إعادة تعريف ما يُعتبر “نفايات زراعية” من خلال مشروع غير تقليدي يستهدف قشور نبات الصبار، التي تُستثنى غالبًا من سلاسل الإنتاج، لتحويلها إلى مبيد حشري طبيعي عالي الفعالية.

الصبار، المعروف بخصائصه المهدئة للبشرة والغني بالفيتامينات ومضادات الأكسدة، يُستخدم بكثافة في الصناعات التجميلية والطبية. إلا أن عملية استخراج الجل من أوراقه تخلّف كميات ضخمة من القشور غير المستغلة، والتي تُقدّر نفاياتها سنويًا بملايين الأطنان عالميًا. هذه النفايات شكلت محور اهتمام الدكتور ديباسيش بانديوبادياي، أستاذ الكيمياء المساعد، الذي رأى في هذه القشور أكثر من مجرد بقايا عضوية.

في دراسات حديثة، عمد الفريق البحثي إلى تجفيف قشور الصبار في درجة حرارة الغرفة بعيدًا عن أشعة الشمس المباشرة، للحفاظ على المركبات الحيوية التي قد تتدهور في الظروف القاسية. بعدها، تم استخلاص مكونات كيميائية باستخدام مذيبات عضوية، أبرزها ثنائي كلورو الميثان  (DCM)، بهدف اختبار فعاليتها كمبيدات حشرية طبيعية.

والنتائج جاءت مشجعة: فالمركبات المستخرجة أظهرت قدرة ملحوظة على تعطيل سلوك التغذية لدى الحشرات، مما يؤدي إلى نفوقها لاحقًا. كما أظهرت المؤشرات الأولية وجود خصائص مضادة للبكتيريا والفطريات، وهو ما يفتح الباب أمام استخدامات متعددة في الزراعة والطب والصحة العامة.

بانديوبادياي علّق على هذا التطور قائلًا: “حددنا عدة مركبات يمكن أن تلعب دورًا فعّالًا في مكافحة الآفات الزراعية دون تعريض الإنسان أو البيئة للخطر”. وأكد أن هذه المركبات تمثل بديلًا آمنًا وواعدًا للمبيدات الصناعية التقليدية، التي تُتهم على نطاق واسع بإحداث أضرار بيئية وصحية جسيمة، إضافة إلى المساهمة في تعزيز مقاومة الحشرات للعلاجات الكيميائية.

المزارعون، بدورهم، يتطلعون إلى هذا الاكتشاف كفرصة لتقليل الاعتماد على المنتجات الكيميائية المكلفة والمضرة. فالمبيدات النباتية عادة ما تكون أكثر قابلية للتحلل، وتؤثر على الآفات المستهدفة دون أن تخلّف آثارًا طويلة الأمد في التربة أو المياه.

الباحثون لا يكتفون بالنتائج المخبرية، بل بدأوا التحضير لاختبارات ميدانية في الحقول، خصوصًا في المناطق التي تعاني من تفشي الحشرات الزراعية كالذباب الأبيض والمنّ. كما تشمل الدراسات الجارية تقييم فعالية هذه المركبات في صد البعوض والقراد، ما يوسع من نطاق استعمالاتها في الصحة العامة.

الجانب الاقتصادي للمشروع لا يقل أهمية عن البيئي؛ إذ يمكن لإعادة تدوير قشور الصبار أن تُشكّل مصدر دخل إضافي لمزارعي هذا النبات، الذين قد يجدون في تجميع القشور وبيعها فرصة لتعظيم العوائد دون الحاجة إلى توسيع المساحات المزروعة.

وإلى جانب الاستخدام الزراعي، يحتفظ الصبار بمكانته كمكوّن أساسي في مستحضرات التجميل، لا سيما في مجال مكافحة الشيخوخة. فمضادات الأكسدة التي يحتويها، مثل فيتامينَي C وE، تساعد على تقليل التجاعيد وتحفيز إنتاج الكولاجين، فضلاً عن خصائصه المرطّبة والمهدّئة التي تجعل منه خيارًا مثاليًا للعناية بالبشرة المتقدمة في السن.

في المحصلة، يمثّل مشروع تحويل قشور الصبار إلى مبيد حشري طبيعي نموذجًا مبتكرًا يُجسّد مفاهيم الاقتصاد الدائري والزراعة المستدامة. وهو ما يجعل من “نفايات” الأمس مادةً حيوية لمستقبل أكثر توازنًا بين الإنتاج الزراعي وحماية البيئة.

https://hura7.com/?p=49128

الأكثر قراءة