السبت, مارس 15, 2025
3 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

مو حيدر ـ الوقت هو الآن: لبنان بين أولويات البقاء وخطر الحرب الصامتة

moe haydar

الحرة بيروت ـ بقلم: مو حيدر، الرئيس التنفيذي للشؤون المالية في شركة ديالكسا

لا وقت للانتظار. فالحروب لا تبدأ عندما تُطلق الرصاصة الأولى، بل عندما يغفل الجميع عن الإشارات المبكرة. ليس وقت الجهل أو الانتقام أو الغرق في الحسابات الطائفية الضيقة. بل هو وقت إدراك حجم اللحظة التاريخية واتخاذ القرار الصائب. ولكن اتخاذ القرار الصائب يتطلب أولاً قراءة الواقع كما هو، بعيداً عن التمنيات والتبريرات والتجميل والإنكار.

حرب تلوح في الأفق… ولكن بصمت

خوفي من أن يواجه لبنان حرباً صامتة، تُطبخ على نار هادئة، وقد تنفجر في أي لحظة. هي حرب قد تكون انفجاراً سياسياً وأمنياً يغير مصير لبنان. حرب تتخذ أشكالاً متعددة، حيث يمكن أن تأتي نتيجة انفجار داخلي يعمّق الانقسامات، ويشعل نار الصراع بين اللبنانيين؛ أو تدخل خارجي يفرض وقائع جديدة تخدم قوى إقليمية ودولية على حساب سيادة لبنان؛ أو مزيج من الاثنين، وهو السيناريو الأخطر، حيث تتلاقى المصالح الخارجية مع الانقسامات الداخلية، ما قد يؤدي إلى انهيار شامل.

لذا، فالانتظار لم يعد خياراً. على اللبنانيين، شعباً ودولة، أن يتحركوا الآن، ليس بالسلاح، ولكن بالرؤية والعمل من أجل ثلاث أولويات مصيرية:

أولاً: تحرير الأرض… ولكن بحكمة

السيادة الوطنية لا تتحقق دون استعادة كافة الأراضي المحتلة، لكن السؤال الجوهري ليس “هل نريد التحرير؟” بل “كيف نحققه دون الانزلاق إلى مغامرات غير محسوبة؟”

التحرير لا يكون عبر الحروب المفتوحة التي تستنزف الدولة، بل عبر استراتيجية ذكية تجمع بين القوة السياسية، الدبلوماسية، والقانون الدولي.

على الجيش اللبناني أن يكون القوة الوحيدة المخولة بحماية الأرض، بعيداً عن أي تشكيلات مسلحة تعمل خارج سلطة الدولة.

لبنان بحاجة إلى استعادة حقوقه دون الانجرار إلى مواجهات جديدة قد تعمّق أزماته الاقتصادية والانقسام الداخلي.

ثانياً: منع الحرب قبل أن تبدأ

الحروب الأخطر هي تلك التي تأتي دون إنذار. لبنان اليوم مكشوف داخلياً وخارجياً، وإذا لم يتحرك سريعاً، فقد يجد نفسه في قلب أزمة لا يمكن السيطرة عليها.

أي صراع داخلي سيؤدي حتماً إلى فتح الباب أمام التدخلات الخارجية.

تبنّي سياسة “الحياد الإيجابي” يمكن أن يجنب لبنان أن يكون ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية.

لا بد من تعزيز الجبهة الداخلية وتحصين الاستقرار عبر خطاب وطني يوحّد اللبنانيين بدلاً من تقسيمهم.

ثالثاً: الاقتصاد هو سلاح المستقبل

القوة الحقيقية لأي دولة ليست في الصواريخ، بل في الاقتصاد. الدول القوية اقتصادياً تحظى بالاحترام والاستثمارات، أما الدول الضعيفة فتكون دائماً عرضة للابتزاز والضغوط الخارجية.

على لبنان أن يتحول من بلد يعتمد على المساعدات إلى بلد قائم على الإنتاج والاستثمار.

استعادة ثقة المستثمرين تبدأ بإصلاحات جذرية، وفي مقدمتها القضاء على الفساد وإعادة هيكلة النظام المصرفي.

بناء اقتصاد قوي يعني خلق فرص عمل، وتشجيع اللبنانيين على البقاء في وطنهم بدلاً من الهجرة.

الوقت هو الآن… وإلا فالكارثة قادمة

إن لم يتحرك اللبنانيون اليوم، فقد يستيقظون قريباً على واقع لا يمكن تغييره. الحرب المقبلة قد تكون سياسية، اقتصادية، أو أمنية، لكن نتيجتها ستكون واحدة: انهيار لبنان إن لم يكن مستعداً.

تحرير الأرض، منع الحرب، وبناء الاقتصاد ليست ترفاً، بل ضرورة وجودية. إن كان هناك من يظن أن التغيير مستحيل، فعليه أن يتذكر أن المستحيل ليس حقيقة، بل قرار. ومن يؤمن بلبنان، يدرك أن الإرادة والعمل الجاد هما مفتاح العبور إلى مستقبل آمن ومستقر.

الوقت ليس غداً، وليس عندما تقع الحرب الصامتة. الوقت هو الآن.

 

الأكثر قراءة