الأربعاء, أبريل 23, 2025
18 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

مو حيدر ـ نحو دور قيادي للشيعة في استقرار لبنان وازدهاره

moe haydar

الحرة بيروت ـ بقلم: مو حيدر، الرئيس التنفيذي للشؤون المالية في شركة ديالكسا

أدرك تماماً الصعوبات والمعوقات التي تعترض طريق التحول السياسي والاقتصادي في لبنان. وأعلم أن التحديات القائمة تتجاوز التعقيد السياسي إلى عقبات خارجية وحسابات دقيقة لكل الأطراف. ومع ذلك، فإن الرؤية التي أطرحها هنا لا تستند إلى ما هو مألوف أو معتاد، بل تنطلق من الإمكانيات الكامنة لما يمكن أن يكون.

إن المعادلة الحقيقية ليست بين الأزمة والانهيار، بل بين التحدي والاستجابة. المسؤولية الحقيقية لا تكمن فقط في الاعتراف بالصعوبات، بل في اتخاذ القرار الحاسم حول كيفية مواجهتها.

في كل أزمة، هناك خيار: إما البقاء في دائرة الجمود، أو استثمار اللحظة التاريخية لبناء مستقبل جديد.

إذا أحسن الشيعة توظيف الوزارات الأربع التي يتولونها (المالية، البيئة، الصحة، والعمل) إلى جانب موقعهم الجغرافي والأمني، برؤية استراتيجية، فإن تأثيرهم لن يقتصر على حل أزمات لبنان، بل سيتجاوز ذلك إلى توسيع أفق رؤيتهم، من طائفية ضيقة إلى وطنية جامعة، ومن عزلة سياسية إلى شراكة شاملة.

الأزمات، مهما تعقّدت، تبقى بقدر ما نراها صعبة، كما أن الحلول تظل ممكنة بقدر ما نؤمن بإمكانية تحقيقها. يمكننا أن ننظر إلى لبنان والشيعة كطرف في مشهد سياسي مأزوم، غارق في الأزمات الاقتصادية والسياسية، محاصر بالعزلة الدولية، وممزق بالانقسامات الطائفية. لكن في المقابل، يمكننا أن نرى الفرصة الكامنة في هذا الواقع – فرصة لتحويل هذه التحديات إلى نقطة انطلاق نحو استقرار دائم وانتصار مستدام.

لم يفت الأوان بعد لصياغة رؤية جديدة، تستند إلى تطوير الواقع القائم وتحويله إلى سلام حقيقي ونصر فعلي. لبنان ليس محكوماً بالضياع، بل يحتاج إلى رؤية واضحة وقرار جريء. واليوم، الفرصة سانحة أمام الشيعة أكثر من أي وقت مضى، ليس فقط لتحقيق مكاسب ذاتية، بل لصياغة مستقبل أفضل لجميع اللبنانيين.

حينها، لن يكون النصر مجرد مكسب سياسي أو تفوّق عسكري، بل انتصاراً للبنان بأكمله، حيث ينتقل الشيعة من كونهم جزءاً من المعادلة إلى الضامن الأساسي لاستقرار الوطن ومستقبله.

الأمن والدور العسكري: من المقاومة إلى بناء جيش وطني قوي

منذ عقود، كان الشيعة في طليعة الدفاع عن لبنان، لكن التحدي اليوم ليس في استمرار المواجهة، بل في كيفية تحويل هذا الدور إلى عامل استقرار طويل الأمد.

  • تعزيز الجيش اللبناني ليكون قوة وطنية متطورة، بالاستفادة من الخبرات العسكرية المتاحة لدى المقاومة، وإعادة بناء المؤسسة العسكرية.
  • تطوير برامج تسليح وتدريب من مصادر متنوعة، بما فيها إيران أو غيرها، بشرط أن يتم ذلك عبر القنوات الرسمية للدولة اللبنانية، لضمان شفافية أي دعم خارجي.
  • تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة وأوروبا للحصول على دعم إضافي للجيش، مقابل إصلاحات سياسية واقتصادية، ما يفتح صفحة جديدة مع الغرب دون التفريط بالاستقلالية السيادية.

النتيجة: الانتقال من كون الشيعة قوة مقاومة إلى شريك أساسي في بناء جيش وطني قادر على حماية لبنان، وفتح قنوات جديدة مع القوى الدولية دون المساس بالمصالح الاستراتيجية. وهنا، يبدأ التحول من الدفاع عن الشيعة إلى الدفاع عن لبنان بكامله، ما يفتح رؤية جديدة تجمع الجميع حول مشروع وطني واحد.

إعادة هيكلة الدين العام: مفتاح الانفتاح على العالم

يعاني لبنان من ديون غير مستدامة، يدفع المواطن ثمنها عبر التضخم وانهيار العملة. ومن خلال وزارة المالية، يمكن للقيادات الشيعية أن تقود عملية إصلاح مالي واقتصادي حقيقي:

  • إعادة هيكلة الدين العام بالشراكة مع صندوق النقد الدولي والجهات الداعمة، بما فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
  • تعزيز الشفافية عبر نشر تقارير دورية حول إدارة الدين العام، لإعادة بناء الثقة مع الشعب اللبناني.
  • تقديم خطة إصلاح شاملة تتيح للبنان كسر العزلة المالية واستعادة ثقة المستثمرين.

النتيجة: التحول من العزلة المالية إلى الشراكة الاقتصادية، وفتح الأبواب أمام استثمارات جديدة توفر فرص العمل وتنهي الأزمة المالية. وهكذا يتحول الحل من كونه قراراً شيعياً إلى إنقاذ اقتصادي لكل اللبنانيين، ما يوحّد الجميع حول رؤية اقتصادية جديدة.

تحويل الدعم الإيراني إلى قنوات الدولة: من السرية إلى الشفافية

يمكن لإيران أن تكون عامل دعم للبنان، ولكن بدلاً من أن يكون هذا الدعم غير رسمي، يجب أن يتحول إلى قنوات حكومية شفافة، ليكون مكسباً للجميع وليس لطرف معين.

  • تمويل مباشر لمشاريع البنية التحتية مثل محطات الكهرباء والمياه.
  • دعم الجيش اللبناني بموافقة الدولة، ليكون أي دعم عسكري جزءاً من استراتيجيتها الرسمية.
  • استثمارات في القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة، متاحة لجميع اللبنانيين.

النتيجة: جعل الدعم الخارجي عنصراً لتعزيز الاستقرار، وليس ورقة ضغط داخلية أو خارجية. وإذا تم ذلك عبر إطار قانوني شفاف، فلن يتمكن أحد من الطعن به أو استخدامه كذريعة للعقوبات أو العزل السياسي. وهكذا، تتحول العلاقة مع إيران من ورقة خلاف داخلي إلى عنصر لبناء دولة لكل اللبنانيين.

المصالحة الداخلية والخارجية: الشيعة كضامن للاستقرار

يحتاج لبنان إلى مشروع سياسي جامع، وليس مجرد صفقات مرحلية. وهنا، يمكن للشيعة أن يكونوا القوة التي تعيد التوازن للعلاقات الداخلية والخارجية عبر:

  • دعم إصلاحات حقيقية تعيد بناء مؤسسات الدولة وتحارب الفساد.
  • انتهاج سياسة خارجية متوازنة تجعل لبنان جسراً بين القوى الدولية، بدلاً من أن يكون ساحة للصراعات.
  • قيادة مبادرات حوار وطني تجمع القوى السياسية، حيث يكون الشيعة عنصر توحيد وليس انقسام.
  • تعزيز الانفتاح على الولايات المتحدة والخليج، عبر التعاون الاقتصادي والتنموي بدلاً من التركيز على الصراع السياسي.

النتيجة: الانتقال من العزلة إلى القيادة الوطنية، ليكون الشيعة ضمانة للاستقرار الداخلي والإقليمي بدلاً من أن يكونوا طرفاً في النزاع، ما يعزز نفوذهم السياسي دون عزلة أو مواجهة دائمة.

نحو دولة قوية… ونصر مستدام

إذا بدأ الشيعة بمسار الإصلاح، فسيكتشفون تلقائياً أن رؤيتهم تتجاوز مصالح الطائفة إلى مشروع وطني شامل:

  • من العزلة إلى القيادة الوطنية.
  • من المواجهة إلى بناء لبنان لجميع أبنائه.
  • من الأزمة إلى النصر المستدام.

إن الفرصة لا تزال قائمة، وإذا انتهزها الشيعة، فسيكونون القوة التي تدفع لبنان نحو مستقبل مزدهر، لا للطائفة فقط، بل للبنان ولكل اللبنانيين.

https://hura7.com/?p=45095

الأكثر قراءة