الأربعاء, مايو 14, 2025
12.1 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

مو حيدر ـ فليكن سقوط نظام الأسد فرصة لإعلان لبنان أمّة قادرة على صياغة مصيرها بنفسها

الحرة بيروت – بقلم: مو حيدر

ليس سقوط نظام بشار الأسد هو المفاجأة، بل المفاجأة هي كيف استطاع هذا النظام الاستمرار لعقود رغم استبداده المطلق، الفساد العميق، والقمع الممنهج لشعبه وشعب لبنان. ومع دخول المعارضة دمشق، تواجه سوريا فصلاً جديداً من الاضطرابات. هي كعملية جراحية دقيقة؛ سقوط بشار الأسد هو الخطوة الأولى في العملية وليست الأخيرة، ولا يزال من المبكر التكهّن بما سيليها. أما في لبنان، فالمهمة الملحّة ليست ترقّب مصير النظام السوري أو من سيخلفه، بل التركيز على حماية الوحدة الوطنية والاستقرار الداخلي من التداعيات القادمة.

لنكن جزءاً من الحلّ وليس المشكلة

إذا أردنا منع اندلاع حرب أهلية جديدة في لبنان، فلا يمكننا أن نكون جزءاً من المشكلة. لقد حان الوقت لأن نكون جزءاً من الحل، أو على الأقل أن نحمي أنفسنا. لقد دفع لبنان بالفعل ثمناً باهظاً جراء الحرب السورية، من خلال استضافته أكثر من 1.5 مليون لاجئ سوري، ما أثقل كاهل اقتصاده، وبنيته التحتية، وخدماته الاجتماعية.

السؤال اليوم هو: هل سنركّز لأول مرة على مصلحة شعبنا اللبناني بدلاً من أن نكون أداة لتحقيق مصالح الدول الأجنبية؟ حان الوقت لأن نضع مصلحة لبنان وأبنائه في المقدمة، بدلاً من الانغماس في صراعات لا تخدم وطننا.

قصة شخصية

كبرتُ في وقت كان فيه الجيش السوري يفرض سيطرته الكاملة على لبنان، يمارس التخويف والترهيب ضد المواطنين العزّل. ذات يوم، بينما كنت أقدّم المساعدة في دكانة العائلة، اقتحم ثلاثة جنود الدكانة مطالبين بكمية كبيرة من البضائع دون تسديد ثمنها. كانوا مسلحين، وكانت أوامرهم واضحة. لكنني، رغم السلاح، رفضت الاستسلام لمطالبهم، مصمماً على حماية حقوق عائلتي.

لم أستدعِ والدي الذي كان يأخذ استراحة مستحقة يومها، وواجهت الغضب الذي بدا واضحاً على ملامحهم. كان الجو متوتراً والخطر يحيط بي، لكنني أدركت حينها أن الوقوف ضد الظلم هو فرصة للمس الحرية ولو لدقائق. تركت تلك اللحظة أثراً عميقاً في نفسي، وعلّمتني أهمية اتخاذ الخطوات الجريئة واتخاذ المواقف في مواجهة القمع. هذه التجربة شكّلت جزءاً من قناعاتي بأن الحرية تُنتزع بالموقف، وأن لبنان يستحق قيادةً تُعلي شأن شعبه.

لبنان أمام مفترق طرق

لطالما كان لبنان متأثراً بالصراعات السورية من خلال تدفق اللاجئين والتوترات الحدودية، غير أن التحدي الأكبر اليوم يكمن في كيفية حماية أنفسنا من المرحلة القادمة. التهديد الأساسي لا يأتي فقط من الحدود أو اللاجئين، بل من احتمال استغلال الأزمات الإقليمية لتفكيك وحدتنا الوطنية وزعزعة استقرارنا.

الحياد ضرورة للبقاء

في ظل الصراعات الإقليمية المحتدمة، يحتاج لبنان إلى تبني سياسة الحياد. الابتعاد عن الأجندات الخارجية ليس فقط ضرورة سياسية، بل هو الخيار الوحيد للحفاظ على سيادتنا ووحدتنا. علينا أن نتوقف عن أن نكون أداة في أيدي الآخرين، ونركز على بناء لبنان كدولة مستقلة ذات سيادة، تضع مصلحة شعبها فوق اي اعتبار.

الوقت للشفاء والوحدة

مع اقتراب سوريا من مرحلة جديدة من عدم الاستقرار، يتعين على لبنان اتخاذ موقف حاسم لحماية نفسه. لقد عانى ما يكفي جراء تداعيات النظام السوري عبر عقود، وحان الوقت لأن يركز على حماية مصالحه وشعبه.

لنتّحد من أجل قضية مشتركة. هل سنمنح الأولوية لأول مرة لمصلحة لبنان وشعبه بدلاً من الاستجابة لمصالح قوى أجنبية عبر احتضان هذه اللحظة كفرصة للتحول؟ يمكن للبنان، ليس فقط أن يتجاوز التحديات الحالية، بل أن يظهر أقوى وأكثر اعتماداً على نفسه. حان الوقت لأن يركز لبنان على الداخل، أن يعطي الأولوية لشعبه، وأن يعيد تعريف دوره في المنطقة، ليس كدولة مثقلة بصراعات جيرانها، بل كأمة صامدة قادرة على صياغة مصيرها بنفسها.

https://hura7.com/?p=38824

الأكثر قراءة