الإثنين, يناير 20, 2025
0.1 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

ميشال معيكي ـ أهم من الرئاسة في لبنان… فخامة “الكتاب”

الحرة بيروت ـ بقلم: ميشال معيكي، كاتب وأكاديمي وفنان تشكيلي (07/01/2025)

التاسع من كانون الثاني/يناير 2025. وكأنه يوم القيامة “المجيدة”. هل تصدق التوقعات بظهور الدخان الأبيض من ساحة النجمة وينتهي شغور قصر بعبدا؟ بعض الجزم مبالغة والمفاجآت واردة. موعد انتخاب رئيس يطلّ في حمأة تغيّرات كبيرة في لبنان وبلدان الإقليم، وكلها تتقاطع وتتلازم. “عجقة” أسماء تقفز، بعضها معروف وسواها لا نعرف عنها ولا عن برنامجها أو رؤيتها. يردّدون بسخرية: هذا لبنان!

المشهد الراهن

كل الاحتمالات قائمة، وتحت نظر ورقابة ممثلي دول العالم يحصل حراك كثيف. وكل الإشارات تدلّ أن غيمة بيضاء قد تحمل اليوم الجنرال جوزيف عون إلى قصر بعبدا، مع إشادات بحكمة آدائه في قيادة الجيش. كلام مبدئي والنتائج باتت قريبة.

عيب وطني كبير. الأطراف كلّهم ينتظرون إمرة الخارج… وكأننا لم نبلغ بعد سنّ الرشد السياسي الوطني.

نادرًا ما حصلت انتخابات رئاسية في أجواء استرخاء أمني أو سياسي. بدأ عهد الرئيس شمعون بُعيد الثورة البيضاء التي أسقطت الشيخ بشارة الخوري، رئيس الاستقلال. يومها نام الزعيم حميد فرنجية على مخدّة الرئاسة الموعودة واستفاق على كميل شمعون، “فتى العروبة الأغرّ”، في قصر القنطاري بفضل دهاء الدبلوماسية البريطانية.

مشهد أول: فؤاد شهاب

كان صراع النفوذ محتدمًا بين الأميركيين والروس في منطقة الشرق الأوسط، في عزّ الحرب الباردة. وكان مبدأ ايزنهاور يستجمع صفوف الدول المناهضة للمدّ الشيوعي. عبد الناصر، حصان الكرملين والقومية العربية، مقابل حلف بغداد… خنادق بيروت بين البسطة والجميزة وبينها جيش فؤاد شهاب.

قوات المارينز على الشاطئ من أنطلياس حتى الأوزاعي مرورًا بحرش بيروت. حصل اتفاق بين عبد الناصر ومورفي ووقف الرئيس شهاب في ساحة النجمة يؤدّي قسم الولاء للوطن والشعب. وقد وفى. وكان يردد: “راجعوا الكتاب”، ويقصد الدستور.

مشهد ثانٍ: شارل حلو

وحده شارل حلو وصل ببركة من الرئيس شهاب على متن مبخرة فاتيكانية، انتهى زمنه بخيانة الوعد للرئيس شهاب، باستكمال مسيرة العدالة والإنماء المناطقي وبدعم قيامة الحلف الثلاثي لضرب الشهابية.

مشهد ثالث: سليمان فرنجية

بعيد هزيمة حزيران/يونيو 1967 والإصرار الأميركي على إنهاء المرحلة الناصرية، ومن ورائها الكرملين، كان المشهد الداخلي: النهج الشهابي مقابل الحلف الثلاثي. ومع امتلاكه أكثرية نيابية مريحة للعودة إلى قصر الذوق، وعبر بيان العزوف عن الترشح، وقف نواب النهج بإيعاز من الرئيس شهاب وراء الياس سركيس. وانتخب سليمان فرنجية مرشح الحلف الثلاثي بمواجهة سركيس بفارق صوت واحد. حادثة محاولة اختطاف طائرة الميراج من قِبل سولداتوف ساهمت بإسقاط النهج وزعامة عبد الناصر في بيروت.

مشهد آخر: الياس سركيس

على دويّ القنابل وزخات الـRPG، وعبر المتاريس التي زنّرت البيروتَين، تسلّل نواب الأمة شبه محمولين بحراسة أمنية إلى قصر منصور. الياس سركيس رئيسًا قبل انتهاء ولاية فرنجية وكان في الكفور، في قصر الذوق البلدي مهنّئًا. سلّم فرنجية الأمانة إلى سركيس، رئيس مقيّد لإدارة الأزمة  في صراعات  نفوذ المنطقة الشرق أوسطية.

مشهد خامس: بشير الجميّل

تحت الاحتلال الإسرائيلي، صاحب شعار 10452، بشير الجميّل رئيسًا. اجتماعه مع مناحيم بيغن في نهريا كان كارثيًا وأزعج إسرائيل. قبل أداء القسم، اغتيل بشير. قالوا: انتهى الحلم!

في العام 1968 كتب موريس الجميّل: “إن الدولة والنظام في خطر أمام تحديات هائلة أولها الإقطاع الطائفي وزعاماته. وبقدر ما يزداد تعتير اللبنانيين يقوى نفوذ الزعماء الطائفيين. إن نظامنا الحالي لا يؤمّن الحريات العامة بل يحمي القرصنة الاجتماعية لذوي الامتيازات على أنواعها، فيستحيل التغيير”.

مشاهد متكررة (إذا استثنينا الرئيس شهاب)

مواسم الجنرالات كانت وفيرة الجنى للبنان:

العماد لحود إبن اللواء جميل لحود نال الرئاسة Bon Point بعد إجلاء العماد عون عن اليرزة وبعبدا.

العماد سليمان وصل إلى بعبدا في غمرة حزن على استشهاد فرنسوا الحاج، بطل معركة نهر البارد. وانتهت الولاية على إعلان بعبدا الاستقلالي وغضبة الضاحية.

العماد عون وإثر شغور رئاسي طويل عريض، وصل بعبدا برعاية مار مخايل، هدية وفاء من الضاحية لابن الضاحية. سنوات عجاف ووعد قاطع للأجيال بإصلاح وتغيير… في جهنّم التحتا.

زمن كان فيه التنافر ودّياً والاختلاف بالرأي مهذباً طيّباً. يتعاركون قليلاً ويسهرون معاً في مسبح عاليه أو في بار الـ”سان جورج”. وكانوا “مهضومين” على علّاتهم وكانت الجمهورية ودودة.

والأهم أنه لم يكن للشرعية سوى مطرقة واحدة وسلاح شرعي. ولم يسمع أحد بلفظة مقاطعة أو ببدعة “ثلث معطّل”. وكانت الحكومة تتشكل خلال ساعات ويُنتخب الرئيس في اللحظة الدستورية. وكان الفساد عيباً وطنياً وخيانة عظمى، والقانون فوق الجميع والدستور كتاباً مقدساً.

وفي بعبدا كنت تسمع شارل حلو يردّد: “رضاك”. وسليمان فرنجية: “حبيبي”. وبطرس ديب بتهذيب جيزوتي: “أبوس روحك”. كنا في جمهورية لذيذة.

بالخلاصة: أهم من الرئاسة… فخامة “الكتاب”.

https://hura7.com/?p=41292

الأكثر قراءة