الحرة بيروت ـ بقلم: ميشال معيكي، كاتب وأكاديمي وفنان تشكيلي
كأنهم يريدون تطويع الرئيس المكلّف وتطويق العهد باكراً بتكبيله، سعياً لانطلاقة عرجاء. فاستعلاء الثنائي الشيعي وقنص وزارة المال وفرض أسماء لوزارات محددة، دفع الأحزاب الأخرى – وبحقّ – لوضع شروط وأسماء لوزارات “سيادية”، عملاً بوحدة المعايير والتساوي.
غلطة الشاطر نواف – الذي نحترم كثيراً – أنه لبّى شروط الحزب ومنعها عن سواه. ولماذا؟ بالواقع ننظر إلى النكبة التي أصابت أهلنا في الجنوب والبقاع والضاحية… بالأساس خطيئة قرار مساندة غزة أراح العدو الإسرائيلي لتنفيذ وحشيته واحتلال أجزاء من الأرض اللبنانية. ثمّ على أي إنجاز وطني يمنّن الحزب؟
في الدول الراقية يستقيل المنهزم. في الحرب العالمية الثانية انتصر تشرشل والحلفاء على النازية، لكنه خسر في الانتخابات وانسحب الزعيم المنتصر. حصة الثنائي مع وزارة المال ربما تصبح ثلثاً معطّلاً مع الإصرار على التوقيع الرباعي، ما يعطي إمكانية لتعطيل أي قرار قد لا يناسب الحزب.
جاء في كتاب “الوصايا” للإمام المستنير محمد مهدي شمس الدين مواقف وإرشادات وطنية، وخاصة إلى الشيعة تحديداً. يقول الإمام: “بأن لا ينظروا إلى أنفسهم كفئة متميزة، وأن يندمجوا في محيطهم الوطني والالتزام بطاعة القوانين”. ثم يضيف: “إن أي طائفة تريد أن تُنتج مشروعاً خاصاً بها ستخلق حالة دمار شامل”.
وفي حوار نشرته صحيفة “الوطن” الكويتية في 15 شباط/فبراير 1994 قال الإمام شمس الدين: “لقد توافق اللبنانيون على تكوين مشروع دولة وفقاً للصيغة الدستورية القائمة وعملاً باتفاق الطائف. ومن يريد أن ينخرط في هذا المشروع فليتفضل، سواء كان حزب الله أم أي حزب آخر، ديني أو علماني. والسؤال: هل نريد نظاماً جمهورياً ديمقراطياً برلمانياً أم لا؟ نحن قلنا نعم لهذا الـ”لبنان””.
هي بعض من وصايا الإمام شمس الدين لاستعادة توازن الجمهورية، بين مكوّناتها الوطنية، في الشأن الدستوري، دون تمييز بين شريحة وأخرى وبالتساوي العادل.
شعب لبنان، بأكثريته الساحقة، يريد جمهورية القانون والمساواة، ودولة المؤسسات. ربما أرساها الرئيس فؤاد شهاب… عسى أن نستمع جميعاً ونرتوي. وكفى لبنان حرتقات ومشاريع تفرقة مدمّرة، وبلطجيات.
ملاحظة: كُتب هذا المقال يوم الثلاثاء الماضي، تاريخ 04/02/2025، حين كان متوقعاً تشكيل الحكومة قبل عرقلة ولادتها من قِبل الثنائي الشيعي.