جريدة الحرة
لم يكن خفياً أن رئيس الجمهورية جوزاف عون كان يفضل أن يبدأ عهده بالتعاون مع نجيب ميقاتي كرئيس للحكومة، إلا أن رياح التوازنات الداخلية والخارجية جرت بعكس ما كانت تأمله صواري وأشرعة قصر بعبدا، فتم تكليف نواف سلام بتشكيل الحكومة نتيجة تقاطعات تغييرية محلية وعربية ودولية.
غادر ميقاتي السراي، لكن خيوط العلاقة بينه وبين الرئيس عون بقيت متينة، لا سيما بعد أن تبيّن أن الكيمياء بين عون وسلام لم تتفاعل كما كان مأمولاً. هذا الفتور دفع رئيس الجمهورية إلى تعزيز تقاربه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي كان بدوره يفضّل عودة ميقاتي.
ومن اللافت أن الإصرار الرئاسي على تعيين كريم سعيد حاكماً لمصرف لبنان، تم بالتنسيق مع ميقاتي خلال التحضيرات السابقة لوصول عون إلى قصر بعبدا. علماً أن سعيد كان يعمل في المجال الاستثماري، ويتولى إدارة جزء من ثروات آل ميقاتي وأقارب زوجة نجيب، ما جعل الأخير يحتفي بخسارة نواف سلام في معركة الحاكمية، والتي أفضت إلى تعيين شخصية تُعد تقاطعاً بين ميقاتي وعون وأطراف فاعلة في واشنطن.
في السياق ذاته، شكّل تصويت وزير الداخلية أحمد الحجار لصالح تعيين سعيد مفاجأة في مجلس الوزراء، إذ فسّره البعض بأنه يعكس التقاءً مع التفاهمات المسبقة بين عون وميقاتي.
أكثر من ذلك، تشير مصادر مطلعة إلى أن المستشار الرئاسي الخاص، “ديديه” رحال، يزور ميقاتي بشكل دوري، ويلتقيه في دارته بصفته مستشاراً لرئيس الجمهورية، ما يطرح تساؤلات حول الملفات التي لا يزال الرئيس عون ينسّق بشأنها مع ميقاتي، ومنها التعيينات والملف المالي والمصرفي.
وترى أوساط قريبة من بعبدا أن نواف سلام يؤدي مهماته الحكومية من دون كبير تنسيق في عدد من الملفات مع الرئيس عون، ومع بعض التباين الواضح في بعض الملفات الأخرى مع رئاسة الجمهورية، وهو ما يفسّر، بحسب هذه الأوساط، استمرار التنسيق مع ميقاتي كرهان مستقبلي، خصوصاً بعد عودة استحقاق تكليف رئيس حكومة جديد بعد الانتخابات النيابية، والتي يفكر ميقاتي بخوضها سعياً للفوز بكتلة برلمانية تعزز حظوظه في العودة إلى رئاسة الحكومة بدعم من بعبدا.
وتربط مصادر متابعة العلاقة بين الرجلين بالمرونة القصوى التي لطالما أظهرها ميقاتي تجاه المؤسسة العسكرية إبان قيادة عون لها، وما رافقها من تسهيلات وتعاطٍ ودي، رسّخ علاقة صداقة شخصية وعائلية بين الطرفين لا تزال مستمرة حتى اليوم… ويبدو أنها ستستمر أكثر مستقبلاً!