الحرة بيروت ـ بقلم: ناضر كسبار، نقيب المحامين السابق في بيروت
لا يمكن بناء أي دولة أو شركة أو مؤسسة أو إدارة إلا إذا تمّ اعتماد مبدأين إثنين: التفتيش والمحاسبة.
فإذا حصل التفتيش والتحقيق واكتمل الملف، ولم تتم المحاسبة فهذا يعني أننا وضعنا كل جهودنا في الجارور.
وإذا حصلت المحاسبة من دون التفتيش والتحقيق، فهذا يعني أنه يتم “التسلبط” على الموظف أو العامل أو المسؤول.
كنا قد أشرنا سابقاً إلى وجوب اتّباع المسؤولين مبدأ الدروشة، وزيارة المؤسسات والإدارات بصورة مفاجئة، ودون إعلام الموظفين بموعد الزيارة حتى لا يتخذوا الاحتياطات اللازمة، ويغيّروا مسار عملهم، ليظهروا بمظهر الحمل الوديع. ومنذ فترة بدأ المسؤولون يقومون بتلك الزيارات المفاجئة، ولكننا لا نعلم حتى الآن ما هي النتائج. بمعنى أن تلك الزيارات قد تعطي عكس الهدف المنشود، إذا لم يتمّ ضبط المخالفات، وإلا فسوف يقول الموظفون أن الوضع بألف خير، بدليل زيارة المسؤولين بصورة مفاجئة دون أن يجدوا شيئاً مخالفاً للقوانين وللأنظمة المرعية الاجراء. وهذا أمر لا يجب أن يحصل على الإطلاق، إذ يبقى من الأفضل إبقاء الأمر معلّقاً على أن يُعطى هؤلاء الموظفون براءة ذمة إذا كانوا لا يستحقونها.
بعد عودة النواب من الطائف، احتجّ عدد كبير من المواطنين على الاتفاق، وخصوصاً في ما يتعلق بالوجود السوري في لبنان. وعندما أجاب عدد من النواب بأن الطائف قد وضع جدولاً زمنياً لخروج السوريين، أجابهم البعض بأنه قبل الطائف كنا نشير إلى الوجود السوري بأنه احتلال. أما اليوم فقد شرّعتم هذا الوجود على أن يغادروا لبنان بعد فترة معيّنة. وكان من الأفضل عدم التشريع وعدم تحديد موعد للمغادرة لأنهم لن يغادروا إلا إذا صوفر الحكم الدولي. وهذا ما حصل في العام 2005.
والعبرة مما تقدّم أنه، في بعض الحالات، قد يكون الإبقاء على الوضع أفضل من تحريكه بصورة خاطئة أو ناقصة أو مؤذية. ويبقى التمني بوجوب اتخاذ الإجراءات اللازمة والصارمة لدى زيارة المسؤولين بصورة مفاجئة واتباع أساليب دقيقة لكشف الرشى والسمسرة والغش. فمن جهة تتم تنقية الإدارة، ومن جهة أخرى تفرض الدولة هيبتها ولا يعود يتجرأ أي مخالف على ارتكاب مخالفته.
