الحرة بيروت ـ بقلم: ناضر كسبار، نقيب المحامين السابق في بيروت
في كل إدارة أو مؤسسة أو نقابة، يتميز المسؤول عن غيره بما يتمتع به من صدق وشفافية وفعالية وحكمة وخبرة ومناقبية.
اللواء الياس البيسري، مدير عام الأمن العام، الذي تقاعد منذ عدة أيام، كان مثال المسؤول الواضح في مواقفه، وفي تصرفاته، وفي تعامله مع الآخرين.
عرفته مذ كان ملازماً أول في الجيش اللبناني، حيث كان ممنوعاً العبور من الشمال إلى بيروت في العام 1989 وكان معالي النقيب إدمون كسبار قد توفى، ونحن هاربون إلى الشمال بعد أن أمضينا أياماً صعبة على خطوط التماس. يومها نزلت وشقيقي المحامي الياس إلى قصر الرئيس سليمان فرنجية، الذي كان صديقاً شخصياً للنقيب كسبار، وكنا نزوره برفقته بصورة دائمة، فاتصل بضابط سوري، واستطعنا عبور حاجز السوريين. وما إن وصلنا إلى حاجز الجيش حتى بدأ الملازم في الجيش اللبناني الياس البيسري يطرح الاسئلة المتعددة حول كيفية العبور، إلى أن حضر العميد سامي ريحانا – وهو من بلدة كوسبا/الكورة ويعرف العائلة. فاعتذر منّا وعبرنا.
بعدها صرنا نلتقيه في المناسبات. وبسبب ما عاناه بعد إصابته في الانفجار حيث كان برفقة دولة الرئيس المحامي الياس المر، صرنا نناديه بالشهيد الحي.
ومن يتابع مسيرة اللواء البيسري يتأكد أنه كان مثال المناقبي أينما حلّ. وكان يتميز بحسن الاستقبال والمعاملة. ولم ينسب إليه أي أمر أو تصرذف غير قانوني أو غير أخلاقي. وعندما سألناه عن طرح اسمه كمرشح لمنصب رئاسة الجمهورية أجابنا: “أنا تلميذ دولة الرئيس ميشال المر، ورجليّ على الأرض، ولا يمكن “أخذي” بالكلام المعسول”. وفهمنا منه أن موقفه يشبه موقف العلامة الكبير جواد بولس، إبن زغرتا، يوم قال عن رئاسة الجمهورية: “لا أطلبها ولا أرفضها”.
يبقى أن اللواء البيسري كرّمني بعد انتهاء ولايتي كنقيب، وقدّم لي درعاً كتب عليه: “عربون شكر وتقدير”، وأقام حفل غداء على شرفي مع من ترافقت وإياهم، وعلى رأسهم النقيب العزيز الأستاذ فادي المصري. وهو أمر نادر أن يُكرّم المسؤول بعد انتهاء ولايته.
اللواء العزيز الياس البيسري، أنت مثال الصديق الصدوق، والمسؤول الناجح، والمناقبي المحترم. أتمنى لك بعد انتهاء مهامك في الأمن العام أن تتبوأ أعلى المناصب، لأنك أينما حللت سوف تبدع وتنجح وترفع رأس وطنك لبنان عالياً.