الأحد, نوفمبر 9, 2025
21.4 C
Beirut

الأكثر قراءة

إصدارات أسبوعية

نقطة الانعطاف: مفاوضات غزة بين لحظة الحسم وضغوط الكبار

جريدة الحرة ـ بيروت

تشهد الأزمة في قطاع غزّة تطورات متسارعة، في ظل تصاعد الجهود الدبلوماسية على أكثر من جبهة لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار، وسط انكشاف واضح لحجم الضغوط السياسية التي تمارسها أطراف إقليمية ودولية، في مقدمتها الولايات المتحدة، على الأطراف المتصارعة. وبالتزامن مع الجولة الثانية من المحادثات غير المباشرة في الدوحة بين وفدي حركة حماس وإسرائيل، دخل البيت الأبيض على الخط بقوة عبر قنوات متعددة، أبرزها استضافة وفد قطري رفيع المستوى ومضاعفة الاتصالات مع تل أبيب، في محاولة لإغلاق الثغرات القليلة المتبقية أمام الاتفاق.

اللافت في المشهد هو الحضور الشخصي للرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي كثّف لقاءاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أقل من 24 ساعة، في ما بدا أنه استنفار رئاسي لإغلاق الملف قبل انفجاره مجدداً. وفيما تحاول واشنطن الظهور بمظهر الوسيط الفاعل والحاسم، فإن الضغط الأميركي على نتنياهو لم يكن سراً هذه المرة، بل جاء علنياً ومباشراً، حيث أبلغه ترامب أن إنهاء الحرب في غزة لم يعد خياراً بل أولوية سياسية مطلقة، تفرضها اعتبارات إنسانية واستراتيجية وأيضاً انتخابية.

الدوحة بدورها باتت مسرحاً رئيسياً لجولات التفاوض، مع ما تنقله تقارير من أن القضايا الخلافية تراجعت من أربع إلى واحدة فقط، ما يعكس اقتراب الفرقاء من نقطة تقاطع نادرة. زيارة الوفد القطري إلى واشنطن عزّزت هذا التقدير، حيث عقدت اجتماعات طويلة مع كبار المسؤولين الأميركيين، أبرزهم المبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الذي ألغى زيارته المقررة إلى الدوحة ليبقى منخرطاً في متابعة حثيثة لمسار المحادثات، معلناً أن احتمال التوصل إلى اتفاق قبل نهاية الأسبوع بات واقعياً.

المداولات الأخيرة لم تخلُ من التوتر والرهانات المتضاربة. ففي حين يؤكد نتنياهو التزامه بـ”القضاء على القدرات العسكرية والإدارية لحماس”، فإن حسابات الإدارة الأميركية تتجه نحو وقف النزيف الإنساني وتفادي انفجار أكبر، خصوصاً في ظل تقارير عن تدهور الوضع في القطاع. تصريحات ترامب العلنية بأن “المحادثات مع نتنياهو تدور بشكل شبه كامل حول غزة”، تعكس حجم الانشغال الأميركي بإنهاء الحرب، ليس فقط كرغبة أخلاقية بل كضرورة استراتيجية على أبواب استحقاقات إقليمية ودولية معقدة.

وفي خلفية كل هذه التحركات، تُطرح الأسئلة الجوهرية: هل سينجح الأميركيون هذه المرة في بلورة اتفاق دائم يضع حداً لحرب متقطعة ومفتوحة منذ سنوات؟ وهل تملك إسرائيل ما يكفي من المرونة لتمرير اتفاق لا يحقق كل أهدافها المعلنة؟ وفي المقابل، هل تستجيب حماس لصفقة لا تضمن لها مكاسب سياسية واضحة في ظل توازنات قوى غير مستقرة؟

حتى اللحظة، يبدو أن الجميع يقترب من نقطة اللاعودة، حيث الفشل في التفاهم يعني الانفجار، والنجاح في التوصل إلى اتفاق سيكون بداية معركة جديدة من نوع مختلف: معركة تثبيت الهدنة ومنع انهيارها. وما يميز هذه الجولة عن سابقاتها هو أن المعادلة لم تعد محصورة بين غزة وتل أبيب، بل باتت واشنطن والدوحة في قلب الحدث، ومعهما ساحة إقليمية تتبدّل معالمها، وربما يعاد رسمها على وقع تسوية تبدأ من غزة… وقد لا تنتهي عندها.

https://hura7.com/?p=61076

الأكثر قراءة