الحرة بيروت ـ بقلم: نقولا ابو فيصل، رئيس تجمّع الصناعيين في البقاع
يُعتبر القاضي نواف سلام شخصية متميزة تجمع بين الرجل المثقف والرجل الحقوقي والدبلوماسي، إذ أن مسيرته تجمع بين العمل الأكاديمي والعملي، مما يجعله نموذجاً لفكرة المثقف الملتزم بالقضايا العامة والإصلاحية. كما أن دوره كمندوب للبنان لدى الأمم المتحدة ومساهماته الفكرية والسياسية تعكس رؤيته الواضحة للإصلاح والعدالة.
ويبدو أن القاضي سلام قد وصل إلى رئاسة الحكومة اللبنانية على حصان أبيض بعد تسميته من قِبل 84 نائباً في البرلمان اللبناني منهم 20 سنّياً. واللافت أن 9 أصوات سنّية لسلام من أصل 11 هي من دوائر عكار والمنية – الضنية وطرابلس، مما شكّل ضربة قوية للرئيس ميقاتي في عقر داره.
نواف سلام يُمثل نموذجاً لما يحتاجه لبنان اليوم. فهو شخصية متمرسة فكرياً وحقوقياً، قادرة أن تجمع بين القيم الإصلاحية والعمل الواقعي في بلد مثل لبنان، حيث تتراكم التحديات نتيجة تراكم الأزمات السياسية والاقتصادية. وهكذا فإن وجود شخصية مثل نواف سلام، بخبرته الدولية وفكره المتزن، يمكن أن يفتح باباً نحو إصلاح جاد إذا أُتيحت له الظروف الصحيحة.
وحسب رأيي، يبدو أن الظروف متجهة الى بناء دولة في لبنان. فالأستاذ جهاد أزعور نام يوم الأربعاء ليلة 9 كانون الثاني/يناير رئيساً للجمهورية واستفاق على الرئيس جوزيف عون رئيساً رغم تردد الكتل المسيحية في انتخابه خوفاً لأن يصبح مرجعية مسيحية كبيرة. كذلك فإن الرئيس ميقاني نام ليل 13 كانون رئيساً للحكومة واستفاق على القاضي نواف سلام رئيساً لحكومة الرئيس جوزيف عون الأولى خوفاً من تكريس تمثيله للطائفة السنية في لبنان .
ما يميز الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة الأولى لعهد الرئيس جوزيف عون هو أنه ليس فقط مفكراً أو دبلوماسياً، بل لديه القدرة على فهم تعقيدات النظام اللبناني مع رؤية تتجاوز المصالح الضيقة والطائفية. ويمكن لهذا الرجل أن يكون صوتاً مؤثراً لبناء دولة مؤسسات قائمة على الشفافية والقانون. لكن التحدي الكبير يكمن في البيئة السياسية اللبنانية التي قد لا تسمح بسهولة لشخص إصلاحي بهذا الوزن أن يحقق تغييراً سريعاً. ورغم ذلك فإن حضوره على الساحة اللبنانية يمثل بارقة أمل للذين يؤمنون بضرورة التغيير الجذري في السياسة اللبنانية، وأنا منهم.