الحرة بيروت ـ بقلم: نقولا أبو فيصل، رئيس تجمّع الصناعيين في البقاع
في كل ليلة تُضاف أسماء جديدة إلى لائحة ضحايا حوادث السير على طرقات لبنان. شباب في عمر الورود، أحلام تُسحق تحت عجلات السرعة والإهمال. بالأمس خسرت مدينة زحلة شابين في ربيع العمر، وغدًا قد يكون الدور على مدن وبلدات لبنانية أخرى لا قدّر الله.
هذا ليس قضاءً وقدرًا فقط بل نتيجة مباشرة لعدم إنارة وصيانة طرقات مهملة، ورقابة غائبة، وقوانين تُكتب على الورق وتموت في الأدراج. فهل أصبح الموت مجانيًا إلى هذا الحد؟ وهل صار النزيف على طرقات لبنان مشهدًا عاديًا في وطن لا يبالي؟
بحسب معلومات نشرتها جريدة “النهار” نقلًا عن خبراء في السلامة المرورية، فإنه بالمقارنة بين عامي 2023 و2024، يلاحظ أن عدد الحوادث ارتفع من 2,303 إلى 2,365، أي بزيادة قدرها 62 حادثًا، بنسبة 2.6%. كذلك ارتفع عدد الضحايا من 439 إلى 443 في حين انخفض عدد الجرحى من 2,726 إلى 2,655.
ومع ذلك، لم نرَ خطة واضحة، ولا تشدّدًا في استخدام الرادارات، ولا صيانة حقيقية للطرقات، ولا محاسبة للمخالفين الكبار قبل الصغار. السرعة القاتلة تحتاج إلى حزم، والفوضى تحتاج إلى قبضة حديدية، لكن أين دور غرفة التحكم المروري في التوعية؟ أم أن عملها يقتصر على إحصاء الضحايا؟ وهل أصبحت حياة المواطن في لبنان مجرد رقم يُضاف إلى الإحصاءات؟
الطرقات اللبنانية أصبحت مقابر مفتوحة، والشباب يدفعون الثمن، فيما المسؤولون يتقاذفون التهم بين نقص التمويل وغياب التخطيط. الحلول معروفة: رقابة صارمة، صيانة دورية، قوانين تُطبَّق بلا مسايرة. لكن قبل كل ذلك نحتاج إلى ضمير حيّ يهتز أمام جثث أبنائنا بدل أن يعتاد على مشاهدها.
لبنان لا ينقصه الوعي، بل ينقصه قرار حازم ينقذ الأرواح بدل أن يسجّلها ضمن ضحايا الإهمال. فهل ستعطي حكومة عهد “القوة والعدل”، بقيادة الرئيس جوزاف عون، هذا الموضوع الأولوية اللازمة، وتتحرك معها أجهزة الرقابة قبل أن نكتب مقالات جديدة تنعي شبابًا آخرين؟