الحرة بيروت
يبدو أنّ أساليب التغيير في لبنان بدأت تتّخذ منحىً آخر، بفعل قدرات الابتكار المتقدّمة لدى الشباب اللبناني: “نور”، أوّل روبوت سياسي افتراضي لبناني، يعلن ترشّحه للانتخابات النيابية.
وراء هذا المشروع، يقف المدرّب الدولي مروان الأسمر، الذي أطلق مع مجموعة من الطلاب الجامعيين اللبنانيين هذه المبادرة اللافتة. وفي حديث لجريدة “الحرة”، يوضح الأسمر أنّه أطلق “نور” كروبوت لبناني ليترشّح افتراضياً إلى الاستحقاق الانتخابي، عبر تصويت إلكتروني خاص به. ويضيف أن “نور” يحمل ملفاً واحداً فقط، لكنه محوري: ملف الشباب اللبناني، بأبعاده الثلاثة – التعليم، ولا سيما المواطنية الرقمية والعالمية، الصحة النفسية، والرياضة.
الرسالة هنا واضحة. فاز “نور” بعدد مرتفع من الأصوات في الاستحقاق الافتراضي، ما اعتبره الأسمر دليلاً على أن “الشباب اللبناني، رغم اختلاف انتماءاته، باستطاعته الاتفاق – ولو افتراضياً – على ملف واحد يجسّد مصلحته الوطنية”، ويركّز على أفكار عصرية لبناء المستقبل في لبنان.
لكن ما يجعل من “نور” تجربة فريدة، ليس فقط مضمونها الشبابي، بل بنيتها الأخلاقية والسياسية. فالروبوت، وفق الأسمر، “مزوَّد بداتا لا تعرف تقنياً اللغة الطائفية، ولا الفساد، ولا ازدواجية المعايير، ولا الزبائنية”، بل ينبذها جميعاً، لأنها برمجيات مهترئة أوصلت لبنان إلى الحضيض، ورسّخت مفاهيم عتيقة في الحياة السياسية.
“نور” الذي أطلق للمرة الأولى في العام 2020 يعود إلى الواجهة اليوم قبيل الاستحقاقات الانتخابية ليكون ثاني سياسي افتراضي في العالم بعد تجربة الروبوت “سام” في نيوزيلندا عام 2020.
هي تجربة تضع النظام اللبناني أمام مرآة قاسية: روبوت افتراضي مبرمَج على النزاهة، يبدو في لحظات كثيرة أكثر تأهيلاً من نوّاب “مُبرمَجين” على تكرار شعارات جوّعت الشعب وخربت البلد.
وفي ظل الحديث عن عهد جديد يرفع شعار مكافحة الفساد وبناء دولة القانون، تُطرح تساؤلات مشروعة: هل يكون هذا العهد على قدر التحدي؟ وهل ينظر إلى تجربة “نور” كفرصة للتعلّم من الشفافية الاصطناعية، بدل التمسّك بعقليات موروثة؟
فمثل هذه المبادرات لا تقتصر على بعدها الرمزي، بل تحمل رسائل تشجيعية وابتكارية تعكس صورة لبنان المختلف الذي يريد شبابه أن ينهض من بين ركام الانهيار. وفي بلد تتآكل فيه ثقة الناس بالمؤسسات، أليس من أولى أولويات الإصلاح احتضان مشاريع تشجّع على النزاهة وتفتح نوافذ على المستقبل؟ وهل نحتاج فعلاً إلى مزيد من البشر في السلطة، إذا كانوا مبرمجين على خراب الدولة، بينما يظهر لنا الذكاء الاصطناعي القدرة على التفكير بمنطق الوطن؟
رابط المقال: https://hura7.com/?p=50776
رابط العدد: https://hura7.com/?p=50468