بقلم: شربل مخلوف
المركزية- على وقع الضربات الإسرائيلية التي يتعرض لها عناصر حزب الله في مختلف المناطق اللبنانية، تمّ انتخاب الشيخ نعيم قاسم أميناً عاماً للحزب، وذلك بعد مرور شهر على اغتيال الأمين العام السابق حسن نصر الله. وردّاً على ذلك، أطلقت إسرائيل تهديداتها باستهداف قاسم، خصوصاً على لسان وزير دفاعها يوآف غالانت الذي نشر على منصة “إكس” صورة لقاسم، وكتب: “لقد بدأ العدّ التنازلي لموعده”. فيما أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، أن كل من يقف على رأس الحزب هدف للاغتيال.
فهل يعني انتخاب قاسم أن أمام الحزب واللبنانيين حرباً طويلة؟ هل يؤشّر إلى أن الحزب أعاد ترميم نفسه لمواجهة إسرائيل؟ ما مدى تأثير شخصية قاسم على مجريات المعركة خصوصاً وأن لديه علاقات واسعة مع الأطراف السياسية كافة بمن فيها الأحزاب المعارضة وكان على تواصل دائم معها؟ ما مدى صعوبة المهمة التي تتنظره في ظل هذه الظروف الاستثنائية؟
يقول العميد المتقاعد يعرب صخر أن تعيين قاسم هو بمثابة ملء فراغ في ظل غياب القيادات الرفيعة في حزب الله كنصرالله وخليفته هاشم صفي الدين. وبالتالي إذا أراد الحزب تعيين أميناً عاماً أصيلاً سيكون فوراً مشروع غتيال. “قبل انتخاب قاسم تولّى الحرس الثوري الإيراني الشؤون العسكرية والقتالية والسياسية لحزب الله، كون الأخير يرتبط عقائدياً بتوجيهات إيرانية دون تردد. لذلك تم وضع قاسم كواجهة معنوية لكي يثبت الحزب أن باستطاعته تعيين قيادات جديدة بدءاً من دائرة صنع القرار مروراً بالقيادة الوسطى والسيطرة وصولاً إلى القيادة الميدانية”.
ويضيف صخر: “هذه رسالة نفسية معنوية دعائية يمارسها حزب الله على البيئة الحاضنة ليقول لها أنه يستطيع استعادة المبادرة والتوازن نوعاً ما. ولكن هذا كله لا يعني أن قاسم يستطيع أن يحل محل الأصيل لأنه يرتدي العمامة البيضاء وليس السوداء. فالعمامة السوداء تعدّ شيئاً أساسيا داخل قيادة حزب الله وأهل البيت، وبالتالي فإن من يرتديها يكون معترفاً به من قِبل قيادات الحرس الثوري الإيراني، وذلك بسبب توليه المسؤولية والقرار داخل ايران وحزب الله. أما الذي يرتدي العمامة البيضاء فليس له أي تأثير على القرار الإيراني. مثال على ذلك رفسنجاني الذي كان رئيساً لمصلحة التشخيص في إيران، وهي التي تعتبر من أهم الوظائف، غير أنه لم يستطع أن يكون صاحب القرار بوجود الخامنئي والولي الفقية والحرس الثوري “.
ويشير صخر إلى أن تعيين قاسم هو واجهة شكلية لكي يثبت حزب الله بأن الأمور لا زالت تحت السيطرة، لافتاً إلى أن اللبنانيين باتوا يدركون ويسمعون ويرون بأن الأمور ليست على ما يرام داخل قيادة الحزب التنظيمية لأنها تفككت على المستويات كافة. فإسرائيل، وقبل أن تنقل المعركة من غزة إلى لبنان اغتالت حوالي 500 قيادي ميداني”.
ويلفت إلى أن إسرائيل، وعندما نقلت ثقل المعركة إلى لبنان، قامت أولاً بتفجير أجهزة البيجرز التي يستخدمها القياديون والعناصر في حزب الله. فالهدف من هذا العمل هو القضاء على سلاح الإشارة والاتصال ومنع العناصر من التواصل فيما بينهم، مشيراً إلى أن هذا الأمر شكّل ضربة قاضية للحزب. وقد لحق بها العديد من الضربات الأخرى عبر استهداف الضاحية الجنوبية التي تمثل القرار السياسي والمعنوي له”.
ويضيف:”لم تكتفِ إسرائيل بضرب مقرات الحزب العسكرية والقيادية بل قامت أيضاً بضرب المصالح الاقتصادية في بعلبك والنبطية وصور، لأنها تعتبر مصدر عيش ورزق لبيئة الممانعة. من هنا انتقلت إسرائيل إلى المرحلة الأخطر وهي ضرب البنية الاقتصادية والتمويلية والتشغيلية واللوجستية التي يعتاش منها الحزب خصوصاً وأن لبنان تحت حصار تام”.
إن الدعم الذي كان يتلقاه حزب الله من عسكري وتمويني ولوجسيتي بدأ يندثر شيئاً فشيئاً، بسبب ضرب المعابر بين لبنان وسوريا. وهناك ترجيحات بأن يتعرّض معبر العبودية للقصف أيضاً رغم أنه لا زال محيّداً حتى هذه اللحظة، كون لا نفوذ لحزب الله عليه. لكن إذا استشعرت إسرائيل بأي حركة مقلقة من خلال هذا المعبر فهي لن تتوانى عن استهدافه وقطع كافة أنواع الدعم عن حزب الله الذي يحارب بما تبقّى له من مسيرات وصواريخ وذخائر حيث لا يمكنه تعويض ما خسره. في حين تستخدم إسرائيل كامل قوتها حاصلة على الدعم العسكري من أجل القضاء على حزب الله على عدة مراحل، مستفيدة من قاعدة البيانات الخاصة التي تمتلكها عن قيادييه وعناصره لاصطيادهم. فإلى أي مدى سيتمكن الأمين العام الجديد، الشيخ نعيم قاسم، من تغيير المعادلات؟ الجواب رهن الأيام المقبلة.