وكالات ـ يعود الكثير من المراقبين إلى تاريخ حركات مثل حماس وحزب الله، عندما فقدت الكثير من قادتها في عمليات اغتيال، وكان الأمر بالنسبة لحماس، يتعلق بمؤسسها أحمد ياسين الذي اغتالته إسرائيل في مارس/آذار 2004، دون أن ينعكس الأمر على نفوذ وقدرات هذه التنظيمات على تعيين قيادات بديلة والاستمرار بالمستوى ذاته من الأداء ودون تأثير كبير.
حماس من قبل … وحماس اليوم
يبقى أن وضع حماس بعد حرب دمرت قطاع غزة على مدى عام كامل، يختلف جذريا عن وضعها قبل عقد أو عقدين من الزمن.
المؤكد أن حماس لن تختفي، لأن الحروب لا تقضي على أيديولوجية أو فكرة، ولكن من المؤكد أيضا أن حماس فقدت الكثير جدا من قدراتها العسكرية خلال، ما يمكن وصفه، بأطول الحروب الإسرائيلية الفلسطينية، وهي محاصرة داخل القطاع، ليس من قبل إسرائيل فقط، وإنما أيضا من قبل قوى إقليمية وفلسطينية تتحرك في ظل اتفاقيات أبراهام، سواء التي تم عقدها أو تلك التي يأملون في عقدها، وردود فعل هذه القوى الإقليمية والفلسطينية تتناقض مع مواقفها في الماضي.
حرب غزة في ظل الأزمة العالمية
عالميا، حققت القضية الفلسطينية انتصارات كبيرة وغير مسبوقة على مستوى الرأي العام الغربي، ولكن هذه الصورة تتناقض مع مواقف وتصرفات حكومات غربية غارقة في كم هائل من الأزمات الاقتصادية والمالية، السياسية والاجتماعية وحتى الأزمات الأمنية مع الحرب في أوكرانيا، وهي حكومات تدير مجتمعات تواجه أزمات كبيرة على مستوى الهوية والعقد الاجتماعي والنظرة للمهاجرين، الذين يشكل العرب أغلبيتهم.
بالتالي، لا تمتلك تلك الحكومات الرغبة أو القدرة للحديث عن العدالة والقانون الدوليين، وانما تملي حسابات النخب الانتخابية الضيقة والمصالح الاقتصادية لهذه النخب، مجمل السياسات الداخلية والخارجية المطروحة على الساحة في الغرب، وهي سياسات تتشابه، إن لم نقل تتطابق، بين حكومة ومعارضة، مع استثناءات قليلة.
وماذا عن رغبة الطرف الإسرائيلي؟
دفع مقتل يحيى السنوار بكافة القادة الغربيين في الولايات المتحدة وأوروبا، لوصف الأمر بأنه الفرصة التاريخية لإيقاف الحرب وإحلال السلام، ولكن ذلك يقتضي موافقة حماس على مطالب نتانياهو بإعادة الرهائن، واستسلام حماس وتسليمها سلاحها لإسرائيل.
ويرى بعض المحللين الفرنسيين أنه حتى في حال موافقة حركة حماس على الشروط الإسرائيلية، فإن موقف نتانياهو وحكومته التي تضم وزراء من اليمين المتطرف، غير واضح بالنسبة لمستقبل غزة، بل وبالنسبة لمستقبل الضفة الغربية أيضا.
جان بيير شانولو المختص في الشرق الأوسط معهد الدراسات والبحوث حول حوض البحر المتوسط والشرق الأوسط، قال، متحدثا لإذاعة فرنسا الدولية
“كل الضغوط التي رأيناها منذ أشهر وأشهر من الأميركيين، بخطهم الأحمر الزائف، بشأن ما ينبغي أو لا ينبغي لنتنياهو أن يفعله أو لا يفعله، ولم تأخذه حكومة نتنياهو في الاعتبار، نعرف ذلك جيداً.
وأذكركم أنه لا يزال هناك قرار يعود تاريخه إلى 10 حزيران/يونيو يدعو إلى وقف إطلاق النار، نحن في تشرين الأول/أكتوبر ولم يكن هناك، حتى، بدء أي تطبيق هذا القرار الذي يؤدي بوضوح إلى التحول نحو الدبلوماسية.
اليوم، ومع مقتل السنوار، من الواضح أن هذه هي اللحظة المناسبة لكي نقول أخيرًا، “إن الحرب توقفت وإننا نفكر في الدبلوماسية”.
لكنني لا أعتقد أن هذا هو هدف نتنياهو على الإطلاق، توجد حاليًا حركات يدعمها أعضاء في الحكومة الإسرائيلية لإعادة احتلال غزة، هناك مؤتمرات تُعقد، وهناك إجراءات يتم اتخاذها، وهم، من هذا المنظور، يحاولون بالفعل سحق القضية الفلسطينية.
هي، في نهاية الأمر، استراتيجية عالمية، متماسكة للغاية، وتستند إلى فكرة واحدة: الكلمة الأخيرة ستكون لصاحب القوة.”