بقلم: شربل مخلوف
تتسارع الأحداث الإقليمية في المنطقة بوتيرة غير مسبوقة. فبعد ما شهدته غزة ولبنان من قصف إسرائيلي مدمّر وسقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى بسبب الحرب التي انطلقت في 7 أكتوبر باتجاه إسرائيل مع عملية طوفان الأقصى، وكانت إيران على علم بها، أعلنت الجمهورية الإسلامية مساء أمس أنها أطلقت 400 صاروخاً باتجاه إسرائيل وذلك انتقاماً لاغتيال اسماعيل هنية والسيد حسن نصرالله وقائد فيلق القدس في لبنان، وهو الردّ الثاني منذ بدء حرب 7 أكتوبر. فهل سيُستتبع بردّ إسرائيلي عنيف باتجاه إيران أسوة بما يحصل في لبنان وغزة وكما توعّدت تل أبيب؟
يقول العميد المتقاعد ناجي ملاعب أنه إذا عدنا إلى الردّ الذي نفذته طهران في نيسان الماضي 2024 وكانت قد أعلنت عنه مسبقاً، نرى أن معظم الصواريخ التي أطلقت لم تصل إلى أهدافها والقليل منها وصل إلى قاعدة جوية، وذلك بحسب تصوير الموقع التابع للقاعدة. أما عن الهدف من إطلاق الصواريخ في نيسان الماضي رغم أنها لم تفعل فعلها، يرى ملاعب أن إيران حققت الأمور التالية:
أولاً، إستطلعت بالنار لمعرفة من أي مكان ستطلق صواريخ الدفاع الجوي وقدرتها للتصدي والتعامل معها مستقبلاً من قِبل القوى الحليفة لإسرائيل.
ثانياً، تريد إيران معرفة أماكن صواريخ الدفاع الجوي الإسرائيلية لاسيما ذات المستويات العالية والصعب نقلها من مكانها، فهي علمت بأماكن هذه الصواريخ وقدراتها لكيفية التعامل معها.
ثالثاً، تقوم إيران للمرّة الأولى بتصنيع مثل هذه الصواريخ وأرادت أن تتحقق من فاعليتها من ناحية الوصول إلى هدفها أو عدمه، أو من حيث قوة التفجير والمدى والمسار. كل هذا أدّى إلى اكتساب مزيد من الخبرة لصناعتها.
رابعاً، وحينما قامت إيران بعملية مركّبة في نيسان الماضي 2024، تألفت من صواريخ كروز فوق الأرض، والصواريخ البالستية التي هدفت إلى اختراق الغلاف الجوي، قامت أيضاً بإرسال مسيّرات غير ذات قيمة، وذلك كي تستنزف صواريخ الدفاع الجوي لتمرير صواريخها، واستفادت لإطلاق صواريخها من أماكن مختلفة وإرسال أخرى مشتركة ومن أنواع معينة لبلوغ الهدف في الوقت نفسه.
خامساً، أعلنت إيران نهاية العام الماضي أنها أصبحت تمتلك صواريخ فرط صوتية. هذه الصواريخ يصعب اعتراضها، وكانت التجربة في اليمن حينما قام الحوثيون بإطلاقها ووصلت إلى تل أبيب دون أن يتم اعتراضها من قبل دفاعات القبة الحديدية.
ويلفت ملاعب إلى أن الحرس الثوري استخدم صواريخ من نوع فتاح، مشيراً إلى أنه لا يمكن اعتراضها، ويمكن أن تتسبب بتدمير واسع في حال وصلت إلى أهدافها. فهل تردّ إسرائيل على ضربة إيران؟ “عملياً قام الحرس الثوري بتهديد إسرائيل بأنها ستندم في حال فكّرت بالردّ. الولايات المتحدة هي من يملك القرار ويمكنها أن تصبر إذا اعتبرت أن إيران اكتفت بهذا الرد، خاصة وأن قنوات الاتصال بين الدولتين ما زالت موجودة سواء عبر اجتماعات الأمم المتحدة الأخيرة أو عبر عُمان والدوحة. هناك طرق أخرى لاستيعاب الردّ الإيراني من دون ردّ إسرائيلي. الخطر في هذه الحال هو إطلاق يد إسرائيل في المنطقة دون الردّ على طهران وهذا ما سندفع ثمنه”.
ويختم ملاعب أن قيام إسرائيل بالردّ يعني حرباً شاملة لن تسكت عنها طهران حيث ستستهدف أماكن التواجد العسكري الأميركي في المنطقة، كونها ستحمّل الولايات المتحدة تبعات الردّ الإسرائيلي، ما سيؤدي إلى تدخل الدول العربية لمساندة واشنطن. فهل ستتريث الولايات المتحدة قبل أن تتدحرج الأمور صوب حرب مفتوحة؟