الثلاثاء, أبريل 29, 2025
16.4 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

هل يلحق لبنان بقطار الشرق الأوسط الجديد؟

الحرة بيروت ـ بقلم: الكولونيل شربل بركات

LCCC – التطورات التي حدثت مؤخراً في لبنان وسوريا والانسحاب الإيراني من البلدين لا بدّ أن يعطي فكرة إيجابية عن التوجهات الجديدة في المنطقة ونتائج “الطوفان” الذي ابتدأ من غزة وانتهى باضمحلال كل القدرات العسكرية لما سمي بـ”بمحور الممانعة”.

كان حلم الخميني استعمال التنوّع بين الشيعة والسنّة، وهما المذهبان الكبيران في الإسلام، كسلاح للتفرقة بين شعوب الشرق الأوسط التي انتشرت بينها نظريات متعددة ومتناقضة أحياناً كثيرة، منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى مروراً بالثانية ومن ثم الحرب الباردة بين الشرق والغرب.

كانت الثورة الإيرانية هي المدخل لإنشاء مجموعة أكثر تعصباً تختلف في التطلعات عن الجماعات السنية وتسيطر على البلاد المتاخمة لأفغانستان. وقد اعتمدت أحلام الخميني التوسعية للسيطرة ما أدّى إلى حروب محلية وتراجع بمواضيع الفكر والتقدم، لا بل كان الصراع التاريخي بين السنة والشيعة هو المحرّك لتحقيق خططها وتوسيع سيطرتها.

وفي كل الأحوال بقيت فلسطين محور التحضيرات، وقتال اليهود هو هدف كافة المجموعات المتقاتلة. وهكذا سقطت الأنظمة والدول في المنطقة كلها الواحدة بعد الأخرى، وصار الهدف العودة إلى عهود القهر والتعصب والقوقعة والرجعية والتخلي عن الفكر والانفتاح والحضارة والتقدم.

اليوم سقط آخر الأنظمة الديكتاتورية في سوريا، والذي أذاق السوريين المرّ خلال أكثر من خمسين سنة من النظام البوليسي والأحكام التعسفية، وانتهى بحرب وحشية دمّرت المدن والقرى وهجّرت الملايين من بيوتهم بمساعدة نظام الملالي الذي كان ينفذ خططه التوسعية وتغيير الديمغرافيا، حيث نظّم بمساعدة السوريين جيشاً من المرتزقة في لبنان استعمله لقلب الأنظمة في دول المنطقة؛ من البحرين إلى السعودية واليمن والكويت والعراق وغيرها من الدول كما لدعم النظام السوري.

ولكن سقوط هذا النظام تمّ على أيدي المتطرفين السنّة الموالين لتركيا، والذين يدّعون بأنهم سيعترفون بالتنوع وحق الآخرين بالعيش بحرية وممارسة عقائدهم الدينية بدون خوف أو قمع، وهم ينادون باعتماد الحوار مع بقية مكونات المجتمع السوري لخلق دستور جديد، وبالتالي الانتقال إلى حكم يجسّد طموحات كافة الفئات.

ولو أن تصرف المسؤولين فيهم يبدو مقبولاً حتى الآن، هل يمكن الوثوق بمن تلطخت أيديه بالدماء وكانت شعاراته فئوية ضيقة؟ أم هل يمكن الاعتماد على حكمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بضبط تصرفات هذه المجموعات، وهو الذي لم يقدّم مثالاً مقبولاً حتى الآن لا في ليبيا ولا في ناغورني كاراباخ الآرمنية ولا داخل تركيا، حيث يحاول العودة بالبلد العلماني الأوروبي إلى المرحلة العثمانية محاولاً مدّ نفوذه من دول أواسط آسيا الإسلامية إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟

أما في لبنان، وبعد هزيمة “حزب الله” المدوية في حربه ضدّ إسرائيل واستجدائه وقف إطلاق النارالمشروط بتسليم أسلحته تحت إشراف إسرائيل والدول الكبرى، وبغياب التأثير الإيراني، حيث بدأ نظام الملالي بلملمة نفسه والانسحاب إلى داخل إيران، خوفاً من أن توجه إليه إسرائيل الضربة القاضية والمتوقعة في أية لحظة.

على من كان يدّعي القيادة من أبناء الطائفة الشيعية وما يسمى بالثنائي الشيعي وحتى القيادات الدينية، الذي فشل فشلاً ذريعاً في التخطيط والرؤية وبناء المستقبل، أن يعلن فوراً عن اعادة النظر في كل الطروحات والمشاريع السياسية، ويبادر إلى حل التنظيمات والأحزاب التي وسّعت الهوة بين المركب الشيعي وبقية اللبنانيين. ومن ثم يتوجه إلى القوى الأمنية اللبنانية ويطلب منها تسلّم الأسلحة والمخازن التي لا تزال بحوزته، وذلك قبل انتهاء فترة الستين يوماً، كي لا يكون هناك أي سبب لعودة القصف والتهجير.

وعلى كل من لا يزال يدّعي تمثيل الطائفة تقديم استقالته من العمل السياسي فوراً وإفساح المجال لقوى جديدة وشباب طموح يمكنه تنظيف رواسب الماضي ونقل أبناء الطائفة من وضع الانتظار إلى وضع البناء والالتحاق بركب بقية اللبنانيين الأحرار. وهنا لا بد من الإشارة بأنه بقي الكثير من أبناء هذه الطائفة الكريمة وحتى بعض رجال الدين من لم يماشِ غرور الثنائي وأسمع صوته مراراً للاعتراض. هؤلاء يجب أن يكرّموا في المجالس ويدعوا إلى وسائل الإعلام لطرح رأيهم ويقتربوا من أصحاب القرار ليكون صوتهم مسموعاً.

على بقية اللبنانيين أن يبادروا إلى استغلال الفرص وبناء بلدهم بالتعاون مع كافة الجهات والإعلان الفوري عن استعداد لبنان للتوجه إلى السلام. فكفانا متاجرة بالحقد والعداوة التي لم تؤمن لنا أي دور في مستقبل المنطقة ولا هي حمتنا من مفاعيل الحروب التي ليست هدفنا. فلننظف بلدنا من بقايا الحروب ومسبباتها ونجمع كل سلاح خارج عن الدولة ونطالب بالعيش الكريم والحر وبالجيرة الحسنة المتبادلة مع جميع دول المنطقة.

وليكن النظام الجديد الذي سيعتمد في كافة الدول ويؤمن حرية شعوب المنطقة وأمنهم هو مطلبنا ولنحمي حدودنا وحدود جيراننا ونسهم بالاستقرار والطمأنينة لتتمكن الأجيال الجديدة من السير في طرق التقدم وبناء المستقبل الكريم.

لن ينتظرنا العالم إلى ما لا نهاية والتخطيط للمستقبل يجب أن يسبق أي تصرف. فليجمع اللبنانيون على تخليص بلدهم من الخائفين المنظرين دوما بالسوء والمنتظرين على قارعة الطريق، الذين سيسبقهم القطار، بدون شك، قطار الشرق الأوسط الزاهر والمزدهر.

https://hura7.com/?p=40081

الأكثر قراءة