الأربعاء, مايو 21, 2025
14.1 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

هل يمكن للسياسة الداخلية في ألمانيا أن تعوق ميرتس؟

خاص – خلال حملته الانتخابية، اشتكى فريدريش ميرتس مراراً من إهمال شراكة السياسة الخارجية الأقرب لألمانيا ــ مع فرنسا ــ في ظل حكومة سلفه أولاف شولتز، كما حدث مع العلاقات مع بولندا. وتشكل البلدان الثلاثة معاً ما يسمى بمثلث فايمار، الذي لعب دوراً مهماً قبل سنوات، لكنه أصبح منذ ذلك الحين على الهامش. ويريد ميرتس تغيير ذلك، فكانت أولى رحلاته الخارجية إلى باريس ووارسو.

يقول هينينج هوف من المجلس الألماني للعلاقات الخارجية: “في ما يتعلق بالعلاقات الفرنسية الألمانية تحديداً، هناك العديد من القضايا المحددة التي ظلت دون معالجة في عهد شولتز وماكرون لأن التوافق الشخصي بينهما لم يكن متناغماً تماماً”. ويضيف: “يمكن أن يتحسن الوضع الآن مع ميرتس”.

مع ذلك، لا يزال تضارب المصالح بين ألمانيا وفرنسا قائماً. فعلى سبيل المثال، تُبدي برلين التزاماً أكبر بالتجارة الحرة، ولديها أولويات مختلفة في سياسة الطاقة. كما يُعاني الرئيس إيمانويل ماكرون من صعوبات على الصعيد المحلي.

ويحذر ستيفان سيديندورف، نائب مدير المعهد الفرنسي الألماني، من المبالغة في أهمية العلاقة بين الشخصين في القمة: “إن ما يميز هذه العلاقة الفرنسية الألمانية هو أنها أكثر بكثير من مجرد شخصين يحبان بعضهما البعض أو يكرهان بعضهما البعض”.

إحياء مثلث فايمار

بعد سنوات من حكم حزب القانون والعدالة اليميني القومي، عادت بولندا بقيادة مؤيدة لأوروبا بقيادة رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي السابق دونالد توسك، مما يُحسّن العلاقات مع ألمانيا. لكن قد تكمن المشكلة هنا في خطط ألمانيا لتشديد الرقابة على الحدود لمكافحة الهجرة غير الشرعية. ويقول هوف: “هناك خطر كبير من أن الحكومة الألمانية الجديدة سوف تبالغ في فرض الضوابط”. وقد يؤثر ذلك على نتائج الانتخابات الرئاسية البولندية المقبلة، حيث يُنظر حالياً إلى مرشح توسك على أنه متأخر عن منافسيه.

إعادة النظر في العلاقات عبر الأطلسي

يشكك ميرتس في قدرة الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، على الاستمرار بالتزامها بتقديم المساعدة العسكرية لحلف الناتو. لذا، يجب على الأوروبيين “تحقيق استقلال حقيقي عن الولايات المتحدة”. فهو يسعى إلى إقامة تعاون وثيق في مجال السياسة الدفاعية بين الدول الأوروبية.

لكن سياسياً، يشهد الاتحاد الأوروبي انقساماً متزايداً. فعلى سبيل المثال، يحافظ رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان على علاقات جيدة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويرفض دعم أوكرانيا، بينما تُعتبر رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني مقربة سياسياً من دونالد ترامب. ومن نواحٍ أخرى أيضاً، تبخر الزخم السابق في الاتحاد الأوروبي. فالشعبويون اليمينيون يتزايدون في كل مكان تقريباً، ولم يعد التكامل الأوروبي أمراً مضمون النجاح.

لا أحد يُشكّل تحدياتٍ أكبر للسياسة الخارجية الألمانية في الوقت الحالي من دونالد ترامب. فإلى جانب الشكوك حول الضمانات الأمنية الأمريكية، تُشكّل الرسوم الجمركية على الواردات أكبر مشكلة تواجه برلين. وبصفتها دولةً مُصدّرة، تُؤثّر هذه الرسوم بشدة على ألمانيا، لا سيما وأنّ اقتصادها في حالة ركود منذ أكثر من عامين.

بسبب هذا الضعف، تسعى الحكومة الألمانية إلى تهدئة الوضع رغم غضبها من ترامب. وينص اتفاق الائتلاف على ما يلي: “نسعى إلى اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة على المدى المتوسط؛ وعلى المدى القصير، نريد تجنب أي صراع تجاري، ونعمل على خفض الرسوم الجمركية على الواردات على جانبي الأطلسي”.

محادثات مع ترامب لكن لا زيارة في الأفق

في الواقع، يُعدّ ميرتس مناصراً قويٌاً لعلاقاتٍ عابرةٍ للأطلسي. فلمدة عشر سنوات، ترأسَ “الجسر الأطلسي”، وهي منظمةٌ غير حزبية تُعنى بتعزيز العلاقات الأمريكية – الألمانية. ومع بداية ولاية دونالد ترامب الثانية، تزعزعت ثقة ميرز في شراكةٍ ألمانيةٍ – أمريكيةٍ وثيقةٍ بشدة. وقد قال بعد أن حمّل الرئيس الأمريكي أوكرانيا مسؤولية الحرب: “أنا مصدومٌ من دونالد ترامب”.

ازداد الخلاف عبر الأطلسي بين الولايات المتحدة وألمانيا عمقاً بعد انحياز أعضاء إدارة ترامب علناً لحزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD)، الذي صنّفه مكتب حماية الدستور الألماني “يمينياً متطرفاً”. وإذ من المقرر إجراء مكالمة هاتفية مع ترامب، صرح ميرتس: “سنتحدث بصراحة”، لكن أي تدخل في الشؤون السياسية الداخلية لن يكون مقبولاً. ولا توجد حتى الآن أي خطط لزيارة المستشار الألماني الجديد لواشنطن”.

حرب أوكرانيا: هل يرسل ميرتس صواريخ توروس؟

لقد حوّلت جهود دونالد ترامب للتوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا الأوروبيين إلى مجرد متفرجين. إذ تجري مفاوضات مباشرة بين الأمريكيين والروس. وإذا ما تم التوصل إلى اتفاق سلام، والذي قد يُفرض بموجبه السلام على أوكرانيا، فلن يتبقى على الألمان والدول الأوروبية الأخرى سوى تأمين السلام.

يسعى الائتلاف الحاكم الألماني إلى مواصلة دعم أوكرانيا. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح كيفية استمرار المساعدات العسكرية. كان ميرتس، بصفته زعيماً للمعارضة، قد دعا إلى تسليم صواريخ كروز ألمانية بعيدة المدى من طراز توروس إلى أوكرانيا. وقد رفض المستشار السابق أولاف شولتز الطلب خشية أن تنجر ألمانيا إلى الحرب مع روسيا. ولم يُتخذ قرار نهائي حيال ذلك بعد.

هل نتنياهو مرحب به في ألمانيا؟

نتيجةً لارتكابها محرقة الهولوكوست التي قُتل فيها ملايين اليهود على أيدي الألمان، يُشكّل أمن إسرائيل مصدر قلق خاص للحكومة الألمانية. من ناحية أخرى، انتقد السياسيون الألمان مراراً حملة إسرائيل على حماس في قطاع غزة، واصفين إياها بأنها غير متناسبة.

تواجه الحكومة الألمانية أيضاً مأزقاً بسبب مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للاشتباه في ارتكابه جرائم حرب في قطاع غزة. وتدعم ألمانيا المحكمة، وستكون ملزمة باعتقال نتنياهو إذا ما زار ألمانيا. مع ذلك، أكد ميرتس أن ذلك لن يحدث في ظل قيادته كمستشار.

هل يمكن للسياسة الداخلية أن تعوق ميرتس؟

على العموم، يقول هوف إن البداية المتعثرة إلى حد ما للحكومة الجديدة لن تقوض سياستها الخارجية. ولكن على الأكثر، “هناك خطر يتمثل في أن الحكومة ككل ليست مستقرة تماماً، وأن المستشار سيضطر إلى التركيز بشكل أكبر على قضايا السياسة الداخلية، وبالتالي سيكون لديه وقت أقل لما يبدو هاجسه الرئيسي، ألا وهو تحديد النبرة في السياسة الخارجية والأوروبية”.

https://hura7.com/?p=52643

الأكثر قراءة