الثلاثاء, أبريل 22, 2025
17.9 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

وزارة الخارجية اللبنانية: بين مطرقة الواقع وسندان التطلعات – مقترحات لحلول عملية

الحرة بيروت ـ خاص

تُعدّ وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية، وتحديدًا قسم المصادقات فيها، واجهة لبنان الدبلوماسية أمام الوافدين والمغادرين، حيث تستقبل المعاملات الرسمية للمواطنين والأجانب والشركات ويمكن من خلالها تقدير إنتاجية الدولة بشكل عام.

بتاريخ 27 آذار 2025 قام وزير الخارجية يوسف رجي، الذي يعتبر نفسه عالمًا لجميع مشاكل ومعاناة وزارته والمدعوم من قِبل رئيس الجمهورية والقوات اللبنانية، بزيارة مفاجئة لقسم المصادقات في الوزارة بهدف كبح الفساد وتحسين عمل الوزارة، وقد هدّد بطرد بعض الموظفين. هذه الخطوة قد تكون مقدمة لفضح مشهد الفساد والرشاوى أسوةً بالملفات القضائية المفتوحة والمتعلقة بكل من وزارة الاقتصاد وإدارة السير وأمانة السجل العقاري وغيرها.

إلا أن هذه الزيارة شهدت حملة دعم تركزت بمعظمها حول معاناة المواطنين في إنجاز معاملاتهم حيث اعتبرها البعض إيجابية على خطى الرئيس بشير جميل، فيما رأى فيها البعض الآخر مشهداً تسويقياً للسماسرة أو زحطة شبيهة بعلكة الوزير السابق عبدالله أبو حبيب.

بعد مضي حوالى أسبوعين على هذه الزيارة تفاقمت معاناة المواطن المنتظر في الطابور لإتمام المعاملات جراء توقف عمل عدد كبير من السماسرة، ونفصلها كالتالي:

  • زيادة وقت الانتظار في الطوابير الطويلة
  • خشية دفع وتلقّي الرشاوى والتعرّض للملاحقة القانونية وزيادة كلفتها
  • زيادة الضغط المعنوي الملقى على عاتق الموظف دون إيجاد حلول يتبعها

في هذا السياق، أصبح من الضروري أن تتخذ الجهات المعنية خطوات جدية وفعّالة للقضاء على هذه الممارسات وتغيير النهج الإداري القائم. ومن أجل ذلك، نقترح مجموعة من الإجراءات العملية التي قد تسهم في وضع حد لهذه التجاوزات:

  • أولًا، الجلوس بشكل صحيح واستعمال العبارات المهنية أثناء التحدث مع الموظفين: قد يبدو الأمر بسيطاً، لكنه يعكس مدى احترام المسؤولين لقواعد السلوك المهني وأخلاقيات العمل. عندما يتم التعامل بجدية واحترافية داخل المؤسسات الحكومية، فإن ذلك يعزز الثقة بين الموظفين والمسؤولين ويخلق بيئة عمل أكثر شفافية وانضباطًا، خصوصاً في ظروف الشرخ القائم بين رواتب الموظفين والدبلوماسيين.
  • ثانيًا، فصل طابور الشركات والمعقبين وغير أصحاب العلاقة الحاملين 5 معاملات أو أكثر عن الطابور الفردي، كما وفصل غرفة الإستلام عن غرفة تسليم المعاملات: إن اختلاط الطوابير يؤدي إلى فوضى يومية كبيرة تزيد من فرص استغلال المواطنين البسطاء الذين يسعون لإتمام معاملاتهم بشكل فردي وبكلفة أقل. لذا، يجب تنظيم آلية واضحة تعطي الأولوية للمعاملات الفردية وتقلل من التأخير والإرباك الناجم عن وجود معقبين ومعاملات متعددة. إن إستحداث خدمة “مستعجل” التي تشمل الحالات الاستثنائية والاضطرارية والعمل على وتوسيع ساعات العمل فيها سوف يحسّن من مستوى الخدمة في الوزارة كما سوف يعود للوزارة بمدخول إضافي.
  • ثالثًا، تسليم معاملات الشركات والمعقبين في اليوم الثاني وإجراء العمليات الفردية فورًا: تأخر معاملات الشركات لا يمثل مشكلة كبيرة بالنسبة لها، بينما يشكل التأخير في إنجاز المعاملات الفردية عبئًا كبيرًا على المواطن العادي. لذلك، ينبغي تخصيص آليات مختلفة لمعالجة كل نوع من المعاملات بما يتناسب مع احتياجات الجمهور المستهدف.
  • رابعًا، تحديث الموقع الإلكتروني الرسمي العائد لوزارة الخارجية ليتناسب وفكر الحكومة عبر استحداث شؤون تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، يتضمن:

– نشر دليل إرشادي يوضح جميع الإجراءات المطلوبة لإنجاز المعاملات.

– إنشاء بوابة إلكترونية لاختيار المستندات والتحقق من صحتها وسلامتها قبل تقديمها.

– إنشاء بوابة إلكترونية لحجز المواعيد إلكترونياً بدلاً من الانتظار في الطابور.

– تحفيز المواطن عبر اعتماد آلية تسلّم وتسليم المعاملات عبر البريد المضمون.

– إنشاء مراكز للإجابة على استفسارات المواطنين ومتابعة مصير معاملاتهم داخل الوزارة وعبر الموقع الإلكتروني والاتصال الهاتفي.

إن توفير هذه الخدمة الرقمية سيساهم في تبسيط الإجراءات وتقليل الازدحام وتوفير الوقت والجهد، مما سيحدّ من حالات الفساد والرشاوى ويقلل الحاجة إلى وسطاء ومعقّبين.

  • خامسًا، إنشاء بوابة دفع عبر الموقع الإلكتروني الرسمي لوزارة المالية لصالح معاملة محجوزة الرقم لدى وزارة الخارجية لصرف الرسوم. إذ لم يعد من المقبول في ظل التقدم التكنولوجي الكبير ورؤية الحكومة الجديدة أن يستمر الاعتماد على النظام التقليدي في تقديم وسير الخدمات حيث أصبحت بعض الدول تعتمد على نظم ممكننة تتيح للمواطنين إتمام معاملاتهم دون أي تدخل بشري.
  • سادسًا: زيادة عدد الموظفين وتدريبهم: إن تعزيز الكادر البشري في قسم المصادقات إما عبر زيادة عديده وإما عبر تنظيم دورات تدريبية للموظفين لرفع كفاءتهم وتأهيلهم للتعامل مع المواطنين بشكل احترافي من شأنه أن يحسّن أيضًا تقييم أداء الموظفين لتحفيزهم على تقديم أفضل الخدمات.
  • سابعًا: فتح المجال لترخيص مكاتب المعقبين الذين يقومون بتسهيل عمل المواطن في حال أراد اللجوء إليهم.
  • ثامناً: تطوير البنية التحتية للوزارت بات أمراً ضرورياً إما عبر توفير أماكن جلوس مريحة للمراجعين أو عبر توفير أجهزة رقمية في القسم لتسهيل عملية إنجاز المعاملات. كما يمكن للوزارة التعاون مع القطاع الخاص لإيجاد حلول إدارية وتكنولوجية تساعد في تسريع المعاملات.
  • تاسعاً: استحداث قسم داخلي في الوزارة لإحالة المعاملات غير المكتملة إلى الإدارة المختصة وزيادة كلفة إضافية على رسم هذه المعاملة لصالح الخزينة.

إن تحقيق هذه الإصلاحات يتطلب إرادة سياسية حقيقية وجهودًا مخلصة من كافة الأطراف المعنية تشمل جميع الوزارات والإدارات. فالفساد ليس مجرد مشكلة إدارية، بل هو وباء ينخر في جسد الدولة ويهدد مستقبل التنمية والعدالة الاجتماعية. وعليه، يجب مواكبة التطور وتطبيق إجراءات صارمة تعيد ثقة المواطن بالإدارة عبر تفعيل الرقابة على أداء الموظفين.

https://hura7.com/?p=49116

 

 

 

الأكثر قراءة