الثلاثاء, أبريل 22, 2025
17.9 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

اعتماد أوروبا على دعم الولايات المتحدة يبقى نقطة خلاف

خاص – تتصاعد التوترات مع الولايات المتحدة مع وضع أوروبا خططاً لإنفاق مئات المليارات من اليورو على الدفاع. ويقول قادة الاتحاد الأوروبي إن على التكتل الاستعداد للاعتماد بشكل أقل على الدعم العسكري الأمريكي، لكن واشنطن حذرت من استبعاد شركات تصنيع الأسلحة الأمريكية من العقود المستقبلية. ويقول محللون إن أوروبا لا تزال تواجه عقبات كبيرة إذا أرادت الدفاع عن نفسها دون دعم أمريكي.

ذكر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، في الرابع من أبريل 2025 أنه “لا ينبغي السماح للنزاعات التجارية بالتدخل في التعاون الدفاعي”. وأكد بعد اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي (الناتو): “أعتقد أن هذين الأمرين منفصلان تماماً. يجب أن نبقيهما منفصلين، ويجب ألا نسمح لهما بالتدخل في مناقشاتنا”.

وتأتي تعليقاته في الوقت الذي يدرس فيه الاتحاد الأوروبي خفض مشاركة الدول غير الأعضاء في الاتحاد في مناقصات الأسلحة – وهي الخطوة التي قد تؤدي إلى تهميش الشركات الأمريكية والبريطانية.

وفي مارس 2025، أكد وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، لوزراء خارجية ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا أن الولايات المتحدة “تريد الاستمرار في المشاركة في المشتريات الدفاعية لدول الاتحاد الأوروبي”، لكنه حذر من أن أي استبعاد للشركات الأمريكية سوف ينظر إليه “سلباً” من قبل واشنطن.

حالة من عدم اليقين المتزايد

يأتي هذا التحول في ظل خلفية من عدم اليقين المتزايد بشأن التزام أميركا الطويل الأمد بأمن أوروبا. واتهم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الدول الأوروبية مراراً باستغلال الحماية العسكرية الأمريكية. وذكر أن على القارة الأوروبية أن تدافع عن نفسها، أو على الأقل أن تساهم بأكثر مما تقدمه حالياً.

في مارس 2025، اقترحت المفوضية الأوروبية خطة إنفاق بقيمة (800) مليار يورو في إطار مبادرة “إعادة تسليح أوروبا”، بهدف تمويل المشتريات المشتركة والاستعداد لمستقبل مع مشاركة أقل للولايات المتحدة. ولكي نفهم ما قد تحتاجه أوروبا للدفاع عن نفسها دون دعم الولايات المتحدة، تحدث يان فان دير مادي، من راديو فرنسا الدولي، مع الدكتور ألكسندر بوريلكوف، من جامعة لوفانا في “لونيبورغ” بألمانيا. وقد شارك في تأليف تقرير حول هذا الموضوع بعنوان “الدفاع عن أوروبا بدون الولايات المتحدة”، الذي نشرته مؤسسة “بروغل” البحثية ومعهد كيل للاقتصاد العالمي.

نتائج استبعاد الولايات المتحدة من مناقصات الأسلحة الأوروبية؟

يقول بوريلكوف: “إذا نظرت إدارة ترامب إلى الأمر بشكل سلبي، فسيكون لذلك عواقب سياسية واقتصادية، ربما مع فرض المزيد من الرسوم الجمركية والمزيد من السياسات الاقتصادية التي تستهدف الاتحاد الأوروبي. وأضاف: “كيف نُحوّل مبلغ الـ(800) مليار يورو هذا على مستوى الاتحاد الأوروبي إلى طلبات شراء، ثم نُحوّل هذه الطلبات إلى قدرات عسكرية ملموسة؟ يُمكنكم طباعة كل ما تريدون من اليورو، لكن لا يُمكنكم طباعة الدبابات والقذائف والطائرات”.

وتابع: “إن ذلك يشكل تحدياً كبيراً لأن القاعدة الصناعية الدفاعية الأوروبية أصبحت مجوفة إلى حد كبير بسبب مكاسب السلام الطويلة التي أعقبت نهاية الحرب الباردة، وإيجاد طرق لإنتاج ما تحتاجه أوروبا على نطاق واسع في غضون خمس سنوات على سبيل المثال، سوف يكون صعباً نسبياً دون الوصول إلى خارج الكتلة”.

وأوضح: “ربما يوجد شركاء أقل إثارة للجدل، مثل كوريا الجنوبية. لكن العديد من مكونات أنظمة الأسلحة نفسها لا تزال تعتمد على الولايات المتحدة. سيكون من الصعب للغاية تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية دون شراء معدات أمريكية”.

ما هي الأسلحة الأمريكية موضوع البحث؟

تُصنّع معظم الأسلحة الثقيلة الفرنسية، كالدبابات والطائرات المقاتلة والغواصات، محلياً. وألمانيا، من خلال راينميتال وغيرها من المجموعات الصناعية الكبرى، تُصنّع أيضاً.

وأجاب بوريلكوف، رداً على السؤال حول الأسلحة الأمريكية ذات الصلة، قائلاً: “فرنسا استثناء أوروبي، إذ تعتمد على نفسها بشكل كبير. تستخدم طائرة رافال المقاتلة بعض المكونات الأمريكية، ولكن يمكن تصنيعها محلياً”. واستطرد: “لكن فرنسا لا تستطيع إمداد أوروبا بأكملها بالأسلحة، وخاصةً قدرات الحرب البرية. فأنظمة الأسلحة والقواعد الصناعية الأوروبية الأخرى تعتمد بشكل أكبر على الولايات المتحدة”.

وأعطى بوريلكوف مثالاً: “تُصنّع طائرة يوروفايتر بنسبة (25%) تقريباً من مكوناتها الأمريكية، بينما تُصنّع طائرة جريبن السويدية بنسبة (40%) تقريباً، بما في ذلك المحركات. أما في ما يتعلق بالدفاع الجوي، فإن الخيار الأمثل للدفاع الجوي الاستراتيجي هو إما نظام سامبت الفرنسي أو نظام باتريوت الأمريكي. وإذا أردنا الحصول على دفاع جوي استراتيجي واسع النطاق، بما في ذلك الصواريخ، فمن الصعب جداً تحقيق ذلك بدون باتريوت”.

ثم هناك سؤال سياسي يطرح نفسه: هل ترى جميع الدول الأعضاء الأمر بهذه الطريقة؟ وهل سيون ثمة اتفاق بين جميع الدول الأعضاء؟ من المفترض أن تلعب بولندا دوراً محورياً في الدفاع الأوروبي. لكن البولنديين لا يترددون في شراء الأسلحة الأمريكية مثل غيرهم.

وقد بلغ الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا منذ بدء الحرب (64) مليار يورو. وهذا يزيد قليلاً عن ملياري يورو عما أنفقه الاتحاد الأوروبي.

سألت إذاعة راديو فرنسا الدولي بوريلكوف: “في تقريركم، ذكرتم أنه إذا عوّض الاتحاد الأوروبي عن وقف المساعدات الأمريكية، فسيُكلّف ذلك الدول الأعضاء في الاتحاد (0.12%)من ناتجها المحلي الإجمالي. كيف يُمكنهم تحقيق ذلك دون الوصول إلى القاعدة الصناعية العسكرية الأمريكية؟”. وردّ بوريلكوف: “يُعدّ استبدال القاعدة الصناعية الدفاعية الأمريكية أحد التحديات. ويُعدّ استبدال الأقمار الصناعية الاستراتيجية الأمريكية المتطورة للغاية، والتي لعبت دوراً محورياً في الحرب، تحدياً آخر. تمتلك أوروبا بعض القدرات، لكن ليس بمستوى الولايات المتحدة. إنها قابلة للاستبدال، ولكن ليس بالضرورة على المدى القصير”.

والسؤال الآخر كان: “أعلنت روسيا في أبريل 2025 أنها تُجري جولة أخرى من تجنيد الجنود. وتحتاج إلى (160) ألف جندي إضافي. في العديد من دول الاتحاد الأوروبي، أُلغي التجنيد الإجباري أو عُلّق. ولا توجد لدى من يبلغون من العمر (18) عاماً فأكثر عقلية تُشجعهم على خوض الحرب. ما حجم هذه المشكلة وكيف يُمكن معالجتها؟”. فأجاب بوريلكوف: “التجنيد الإجباري الروسي مُستمر منذ عام 1991، ولا يُنشر المجندون خارج روسيا، لذا فهم يقاتلون في كورسك، وليسوا في أوكرانيا. اللافت للنظر في دورة التجنيد الربيعية هذه هو رفع العدد المستهدف من (135) ألفاً”. وأضاف: “لا يعتمد الجيش الروسي بشكل كامل على المجندين، الذين لا يشكلون سوى نحو (20%) من الجنود الروس.

وتابع: “في أوروبا، يمكن للمجندين الإلزاميين أن يلعبوا دوراً في تجنيد عدد كافٍ من الجنود لتوفير العدد اللازم في حال نشوب صراع كبير، ولتعويض الخسائر. لكن الاستخدام الأفضل للمجندين الإلزاميين هو تدريب عدد كافٍ من الأفراد للانضمام إلى قوات الاحتياط في حالات الطوارئ”.

تُظهر طبيعة الصراعات الحديثة أن الاعتماد على القوات المحترفة أمرٌ مُفضّلٌ للغاية. والتجنيد الإلزامي، خاصةً إذا كانت فترة التدريب قصيرة جداً – أي أقل من عام – سيؤدي إلى خسائر بشرية غير متناسبة. لذا، تقع على عاتق الحكومات والجيوش الأوروبية مسؤولية إيجاد طرق لتشجيع الجنود المحترفين، لأن هؤلاء الجنود أكثر فعالية ومن شأنهم أن يؤدوا إلى عدد أقل من الضحايا في أي نوع من سيناريوهات الصراع.

واختتم راديو فرنسا الدولي بالسؤال: “كيف ترون الخطط التي كثيراً ما يستشهد بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإنشاء اتحاد دفاع أوروبي مشترك، وكيف تلعب سياسة الأمن والدفاع المشتركة للاتحاد الأوروبي دوراً في ذلك؟”. فأوضح بوريلكوف: “إن التوصل إلى اتفاق بشأن الأمن والدفاع الأوروبي المشترك وأي تحرك نحو تشكيل جيش أوروبي هو أمر صعب للغاية من الناحية السياسية، ولكن هذه لا تزال خطوات مشجعة”. وتابع: “ما يجعل الولايات المتحدة وروسيا قوة عسكرية فعالة للغاية هو أن لديهما هيكل قيادة وسيطرة واحد”.

وأنهى قائلاً: “من أسباب ضعف فعالية أوروبا عسكرياً، رغم امتلاكها جيشاً جماعياً أكبر من الجيش الروسي، غياب هذا الجيوش. لذا، فإن أي تحرك نحو إنشاء آليات للقيادة والسيطرة المشتركة على المستوى الأوروبي هو موضع ترحيب كبير”.

https://hura7.com/?p=48639

الأكثر قراءة