mcـ يعد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الجنرال السابق الذي حدد معالم الحرب الإسرائيلية على حماس في غزة، القوة الأبرز وراء توسيع العمليات العسكرية المتواصلة منذ عام إلى لبنان.
أصرّ السياسي المعروف بمواقفه المتشددة والمنضوي في حزب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو والذي اختلف معه مرّات عدة بشأن السياسات المتبعة، بأن على إسرائيل توسيع المعركة إلى لبنان حيث بدأ حزب الله شنّ هجمات عبر الحدود بعد هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
ودفع تبادل القصف اليومي تقريبا منذ مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2023 حوالى 60 ألف شخص للنزوح في الجانب الإسرائيلي، كما عشرات الآلاف في جنوب لبنان. ودعا مسؤولون على غرار غالانت إلى إبعاد الحزب عن الحدود للسماح بعودة النازحين الإسرائيليين بشكل آمن.
وقال غالانت للمبعوث الأميركي آموس هوكستين أثناء زيارة قام بها الأخير الشهر الماضي إن التحرّك العسكري كان “الطريقة الوحيدة لضمان عودة سكان شمال إسرائيل إلى ديارهم”.
وفي 18 أيلول/سبتمبر، أعلن الوزير الإسرائيلي بأن “مركز ثقل” الحملة العسكرية الإسرائيلية “ينتقل إلى الشمال”، واصفا ذلك بأنه “بداية مرحلة جديدة في الحرب تتطلب الشجاعة والتصميم والصمود”.
أعلنت إسرائيل هذا الأسبوع بأن قواتها البريّة بدأت عمليات ضد حزب الله داخل الأراضي اللبنانية، بعد سلسلة هجمات أضعفت الهيكلية القيادية للحزب.
قال الخبير الجيوسياسي لدى شركة “لو بيك” للاستشارات الأمنية ومقرها الشرق الأوسط مايكل هورويتز إن “غالانت كان أول من أيّد فكرة ان على إسرائيل نقل المبادرة إلى الشمال، بعد أيام فقط من هجمات السابع من تشرين الأول/أكتوبر”.
وأوضح المحلل السابق في وزارة الخارجية الإسرائيلية كاليف بن-دور بأن “الحجة كانت بأنه من المفضّل في الحرب قتال العدو الأكثر قوّة أولا، وقوّة حزب الله ضاهت قوة حماس بأشواط”.
سياسي “مسؤول”
وبحسب هورويتز، يُنظر الآن إلى غالانت “سواء كانت تلك النظرة محقّة أم لا، على أنه كان استشرافيا، وراهن على قدرة إسرائيل على استعادة زمام المبادرة”.
وأشار بن-دور الى أن غالانت، العنصر في القوة البحرية الخاصة والمستشار العسكري لرئيس الوزراء الراحل أرييل شارون والقائد العسكري الرفيع الذي قاد العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة في 2008-2009، فرض نفسه كسياسي “مسؤول”.
وأضاف المحلل السابق “يُعتبر بأنه شخصية تركّز على الانتصار في الحرب وما يُنظر إليها على أنها المصلحة الوطنية، بدلا من الخوض في الأمور السياسية السخيفة”، وهو أمر يلقى تقديرا حتى في أوساط الإسرائيليين “الذين لا يشاركونه بالضرورة وجهات نظره السياسية”.
يواجه غالانت (65 عاما) اتهامات بارتكاب جرائم حرب على خلفية الحملة العسكرية الإسرائيلية المتواصلة في غزة التي أودت بحياة 41788 شخصا على الأقل، معظمهم مدنيون، وفق أرقام وزارة الصحة التابعة لحماس في القطاع.
أطلقت إسرائيل حملتها العسكرية ردّا على هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر غير المسبوق الذي تسبب بمقتل 1205 أشخاص في إسرائيل، معظمهم مدنيون أيضا، بناء على حصيلة لفرانس برس تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية تشمل الرهائن الذين قتلوا بينما كانوا محتجزين.
وفي أيار/مايو، طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرتي توقيف بحق كل من نتانياهو وغالانت بتهم تشمل ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والقتل والتجويع المتعمّد للمدنيين، علما بأن المذكرتين لم تصدرا بعد.
“هراء”
اختلف غالانت مرارا مع نتانياهو بما في ذلك بشأن إصلاحات قضائية مثيرة للجدل أثارت موجة احتجاجات منذ مطلع 2023، والمفاوضات الرامية للتوصل إلى هدنة في غزة.
وأفاد هورويتز بأن وزير الدفاع الذي نجا من محاولة واحدة على الأقل لإقالته يعد شخصية وطنية “يلتف” الإسرائيليون حولها مقارنة برئيس الوزراء وحلفائه من اليمين المتشدد.
انضم غالانت، وهو أب لثلاثة أبناء، إلى حزب نتانياهو “الليكود” عام 2019، بعد بضع سنوات على دخوله الساحة السياسية مع حزب “كولانو” (يمين وسط).
أشار هورويتز إلى أن غالانت يعتقد بأنه حُرم من تحقيق انتصار كاسح ضد حماس في حرب العام 2008-2009 عندما كان قائدا للمنطقة الجنوبية.
وقال “ساهم ذلك في صورته كقائد عسكري قوي تبيّن بأنه كان محقّا، خصوصا بعد هجمات السابع من تشرين الأول/أكتوبر”.
لكن خلال الحرب الحالية، نقل الإعلام الإسرائيلي في آب/اغسطس عن غالانت بأنه قلل من أهمية إعلان نتانياهو بأن هدف الحرب تحقيق “انتصار كامل” ضد حماس في غزة، معتبرا أنه مجرّد “هراء”.