علي أبو الريش ـ التوطين.. بحلّه وحلله (2)

الاتحاد – وصول أعداد المواطنين العاملين في القطاع الخاص بنهاية عام 2023 إلى نحو 92 ألفاً يعملون في مختلف المجالات والمؤسسات في القطاع الخاص، هذا بحد ذاته دليل على أن الوعي تغير، وأن النظرة إلى العمل في القطاع الخاص أيضاً تغيرت، وصارت العلاقة مع هذه المؤسسات علاقة تنافس لإثبات الجدارة والأحقية  والمراهنة على ملكات إبداعية كانت مخبأة في الماضي في معطف التردد والخوف، وأحياناً القلق من تشويه الصورة النمطية والمعتادة، وهي أن يتوظف المواطن في المؤسسات الحكومية،  ولا مجال للتحول إلى القطاع الخاص، ولكن اليوم وبعد أن تحولت الصورة إلى منطقة لها بريقها ولها رونقها، ولها حساباتها المستقبلية أصبح من الجدير بالذكر بأن المواطن تغير، وأن الفكر تطور، وأن العلاقة أصبحت علاقة ندية  قوية، ما جعلها قادرة على كشف المخبوء من الطاقات الهائلة التي يمتلكها المواطن التي تؤكد أن ابن الصحراء طاقة لا حدود لها كما هي الصحراء أرض العطاء والخير الوفير الصحراء أرض النقاء والسخاء والعفوية بلا رتوش ولا خدوش.

اليوم في هذا المسعى الوطني الذي تقوم به وزارة الموارد البشرية، وتحت سلطة قيادة شابة واعية منسجمة مع نفسها، كما أنها متوافقة مع تطلعات الوطن  واحتياجات المواطن،  والرغبة الملحة لتحقيق منجزات شخصية ووطنية لافتة، وذات مستوى عال من الأهمية.

اليوم بعد سنوات من العمل الجاد في تحقيق التوطين أثبتت التجربة أنها تحتاج إلى تمحيص أكثر، وإلى عقد كشف حساب مع القطاع الخاص بحيث مطالبته بأن يضع لمعطيات الوطن اعتبارها وجزءاً مهماً من حقوقها، وهي ألا يكون التوطين مهنة من لا مهنة له، بل هو حاجة وجودية  تعود بالخير على الطرفين الموظف وجهة التوظيف، وهذا ما نتمناه، ولا نشك أبداً في أن هذه القناعة موجودة لدى المواطن، وكذلك القطاع الخاص، ولكن كل ما نود قوله هو أننا نذكر فقط، والذكرى تنفع المؤمنين بأهمية أن تكون العلاقة تكاملية، وتكون خطوة تتبعها خطوات، وكما هي الموجة في البحر التي ترتب بياضها على أساس أن البحر لا تكتمل سواحله إلا بوجود التتابع في الموجات وبناء العلاقة الوجودية في التواصل.

اليوم وفي هذا الصدد نلاحظ عدم إقبال بعض المواطنين على وظائف القطاع الخاص،  وهذا ليس مستغرباً لأن المجال جديد والثقافة العامة لم تزل مشغولة بعادات الماضي، ولذلك نتمنى من الوزارة المختصة (وزارة الموارد البشرية) تخصيص إدارة أو قسم لمعالجة هذا الأمر باتباع الأسس العلمية في عقد المصالحة بين الثقافة القديمة والثقافة الجديدة، وهذا ليس انتقاصاً، وإنما هي حالات لا بد وأن تطرأ وحتى تختفي تحتاج إلى وقت، وإلى عناية خاصة، وألا نربط الأمر بأسباب خارجة عن المألوف، بل على العكس  يجب أن نتوقع مثل هذه الحالات، وعلينا القيام بوضع الحلول، والاهتمام بما يحدث من ثغرات،  فكل عمل بشري لا يخلو من النقص، ولكن هذا لا يمنعنا من البحث والدراسة   وتقصي الأسباب لإيجاد الحلول المناسبة، ووزارة الموارد البشرية لديها من الإمكانات العلمية والعملية، ما يجعلها رائدة في هذا المجال وناجحة، بل ومتفوقة، لأن نتائج خططها في التوطين تثبت كل ذلك.

فشكراً لعشاق النجاح، شكراً لمحبي هذا الوطن،  شكراً لأبنائنا المجتهدين.