تحت سقف الهدنة بين حماس وإسرائيل، يتطلع الشعب الفلسطيني والعالم معه، إلى سلام يعم، وأماناً يشمل الجميع، ويأمل الشعب المنكوب، بصباح تشرق شمسه من دون غبار أبنية متهدمة، ومن دون دخان صواريخ عصبية حمقاء، لا تبقي ولا تذر.

الحروب ليست حلاً والصدامات المسلحة ليست إلا فعل الشياطين الذين تخرج من عيونهم شرارات الحقد ولا يعرفون غير الموت كوسيلة للحياة، وهذه خدعة بصرية، وخيال جم، مهلك وخادع، وخرافة جاهلية، لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تعيد حقوقاً، ولا ترفع ضيماً، ولا تزيل عقداً تاريخية ظلت متربصة بالوجدان البشري، في غياب المنطق، وأفول شمس الوعي، بأهمية أن نكون بشراً لا ضواري تفتك بعضها ببعض.

في السلام ليست هناك هزيمة لاحد، في السلام ليس هناك غالب ومغلوب، فالجميع منتصر، والجميع سيكون عاد لإنسانيته المفقودة.
والله، والله لو وعى الإنسان، وأدرك أن هذه الأرض لنا جميعاً وهي خيمتنا، وهي حصننا، وهي الشجرة العملاقة التي نقطف من غصونها سعادة الأجيال، وهي الكتاب المدرسي الذي منه ينهل أبناؤنا سيرة الوطن وهويته، وهي المحيط الذي نصطاد فيه بياض الموجة، فنستنير، وننير الطريق للآتين من بعدنا.

عندما اقترب الأجل من الإسكندر الأكبر، هذا الجبار الذي سطا على أغلب قارات العالم، طلب من مساعديه، بأن يتركوا يديه مفرودتين، خارج الكفن، ولما سئل عن السبب، قال: هكذا هي الحياة، جئت خاوياً لا أملك شيئاً، وسوف أذهب كذلك من دون شيء.

هذه الحكاية، حكاية الإسكندر، تعطينا عبرة، وتشيع إلينا رسالة فحواها بأن الإنسان مخدوع بمنطق القوة، وأنه يذهب إلى ساحات القتال كالأعمى لا يعرف أين سيلقى حتفه، وما أن يقترب من المصير المحتوم، يشعر بتفاهة الحروب، وعقمها، وقسمها، وأن الحياة أغنية، ومن الواجب علينا استقبالها بالحب، والابتسامة اللينة.

وبمناسبة الهدنة، بين حماس وإسرائيل، أتمنى أن يفكر الجميع، وكل من يعيش على بيتنا الكبير وهي كوكب الأرض، أن ينظر إلى المأساة الشنيعة التي دفنت أرواحاً تحت ركام البيوت المهدمة، ومن دون ذنب، ولا ذنب لهم إلا أنهم ولدوا هناك، في زمن الموت المجاني، والشعارات الرخيصة.

أتمنى أن يتخلص العالم أجمع من فكرة (إذا سلمت أنا وناقتي، ما عليّ من رباعتي).

الأطفال، والنساء، وكبار السن، لا علاقة لهم بالأيديولوجيات السوداوية، ولا علاقة لهم بما رسخه التاريخ من أكاذيب، وخرافات التحيز والاصطفافات، والانتماء إلى الكراهية بكل ما تتضمنه من قطع دابر الفرح، أينما كان، وأينما حل.

الحقيقة العالم بحاجة إلى دفتر مذكرات، كلماته بحجم الصواريخ التي تنهال على رؤوس الأبرياء، حتى يتذكر قول المسيح عليه السلام (أحب المذنبين) هذه جملة لها معنى التسامح والحب السامي، والعلاقات السوية مع الآخر، ومن دون رتوش، ولا خدوش ثقافية.