الأحد, سبتمبر 8, 2024
23 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

كارين عبد النور ـ النباتيّون: مسالمون… ولكن؟

يشهد العالم تزايداً ملحوظاً في عدد الأشخاص الذين يتّبعون النظام الغذائي النباتي. فالاعتماد على نظام قوامه الفاكهة والخضار والحبوب الكاملة والبقوليات – بعيداً عن اللحوم والمشتقات الحيوانية – بات “طقساً” للبعض و”تريند” لبعض آخر. وبحسب دراسة نشرها موقع “Statista.de الألماني نهاية العام الماضي 2023 ، شكّل النباتيون 40% من عدد سكان الهند، في حين تراوحت هذه النسبة بين 20% في البرازيل، 15% في الإمارات العربية المتحدة، 12% في فييتنام، 10% في كل من الصين وباكستان و7% في الولايات المتحدة. وهي أرقام قابلة بالطبع لمزيد من الارتفاع.

يتوزّع النباتيون بين فئات ستّ: النباتيون بشكل مطلق (Vegan) الذين يمتنعون عن أكل اللحوم والدجاج والأسماك والطيور كما كافة المشتقات الحيوانية من بيض وحليب ولبن وغيرها؛ النباتيون الذين يعتمدون النظام الغذائي النباتي (Lacto Vegeterian) حيث يتناولون منتجات الألبان بشتّى أنواعها ويستثنون البيض واللحوم كافة؛ الأوفو – نباتيون (Ovo Vegeterian) الذين يتناولون البيض ويستثنون كافة أنواع اللحوم ومنتجات الألبان والحليب والزبدة وغيرها؛ النباتيون المرنون (Lacto-Ovo Vegetarian) الذين يمتنعون عن كافة أصناف اللحوم لكنهم أكثر مرونة تجاه بعض المشتقات الحيوانية؛ النباتيون آكلو الدواجن (Pescatarian Vegetarian) الذين يمتنعون عن تناوُل اللحوم باستثناء الأسماك والمأكولات البحرية؛ وأخيراً شبه النباتيين (Flexitarian) الذين يتناولون بين الحين والآخر، وبكميات قليلة جداً، بعض أنواع اللحوم والمشتقات الحيوانية.

سعادة أم اكتئاب؟

ارتفاع أعداد النباتيين على مستوى العالم يستدعي مزيداُ من التساؤل حيال مدى صحة هذا النظام من عدمها. مثلاً، أظهرت دراسة أجراها باحثون في جامعة “باث” البريطانية معدّلات اكتئاب مرتفعة بين النباتيين. فقد أشارت إلى أن “التجربة الاجتماعية النباتية قد تساهم في الاكتئاب حيث يؤثّر تبنّي نظام غذائي نباتي على علاقة المرء بالآخرين والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية، وحيث يرتبط أحياناً بشكل من أشكال النبذ الاجتماعي”، بحسب الباحثين. وأضافوا أنه “من الممكن أن يتسبّب الاكتئاب في زيادة احتمال أن يصبح المرء نباتياً، فيكون الاكتئاب في هذه الحالة سبباً لاختيار الطعام النباتي وليس نتيجة له. كما أن نسبة النساء بين النباتيين أعلى من الرجال وهنّ أكثر عرضة للاكتئاب”.

على الضفة المقابلة، يذهب أنصار النظام الغذائي النباتي إلى الاعتقاد أن أكل لحم الحيوان، يترافق مع تجرُّع ما يحتويه من طاقات سلبية، بما في ذلك تلك التي تصدرها الاهتزازات التي يحدثها الحيوان من جرّاء مشاعر الخوف والغضب والألم المرافقة لعملية الذبح. وهذا إنما يجعل ذهن الإنسان أكثر هياجاً وميلاً للانتقام. ومن منظور فيزيولوجي، لا بدّ من أن ينتج عن المشاعر السلبية مواد كيميائية سامة هي الأخرى. وهكذا، برأي هؤلاء، يحسّن النظام الغذائي النباتي الصحة الجسدية والعقلية ويزيد عمر الإنسان ويحميه من العديد من الأمراض، كما يساعد في جعل التفكير أكثر قوة ووضوحاً وتركيزاً. كما أنه يجلب الانسجام والحب في العلاقات ويقلّل من مشاعر الغضب والغرور والسلبية بصورة عامة.

مسالمون بطبعهم

قراءتان متناقضتان تزيدان من التساؤلات حول مدى انعكاس النظام الغذائي على الصحة الذهنية والنفسية والجسدية لدى الإنسان. لمزيد من الإيضاح، تواصلت جريدة “الحرّة” مع أخصائي التغذية العلاجية العراقي، الدكتور أحمد محسن الزبيدي. وقد شرح بداية أن التنوع الغذائي هو الذي يضمن سلامة صحة الإنسان. فإذا كان هناك نقص في النظام الغذائي، من فيتامينات وكاربوهيدرات وبروتينات ومنتجات ألبان وخضار وفاكهة ودهون نافعة وغيره، من شأن ذلك أن يؤثر حتماً على بعض من أجزاء الجسم. وأضاف: “من يطبّق النظام الغذائي النباتي دون دراية أو معرفة على أنه مجرّد “تريند” لتقليد أشخاص آخرين، فسيكون لذلك آثاره السلبية على صحته. يجب على النباتي أن يعوّض الوجبات التي لم يأكلها بوجبات متناسقة”.

أما التناقض في التقييم، فقد عزاه الزبيدي إلى سببين رئيسين: الأول، فرضية اختيار عيّنة من النباتيين ممّن لم يطبّقوا النظام النباتي بشكل صحيح؛ والثاني، إمكانية أن يكون البحث غير رصين أو أن يكون هناك خلل في اختيار العيّنات أو في حجمها. فهل صحيح أن النباتيين يتمتعون بمزيد من القدرة على التركيز والتصالح مع الذات والسلام الداخلي، وما مدى صحّة هذه النظرية؟ “لا يتعلّق ذلك بالأكل النباتي إنما بالسلوك الخاص بالنباتيين. فهم مسالمون ويتقيّدون بمفهوم الرفق بالحيوان ويبتعدون عن الأذية. وبالتالي، فهُم يتحوّلون إلى نباتيين لأنهم أقلّ عنفاً وليس العكس”.

نباتيون كنتم أم غير نباتيين، فالحفاظ على نظام غذائي سليم ضرورة للتمتّع بصحة ذهنية ونفسية وجسدية سليمة. وإذا كان أكثر ما يحتاجه جسم النباتيين هو البروتينات والدهون النافعة، فإن التعويض عن الأولى يكون من خلال البقوليات. أما الدهون، فتُعوَّض من خلال منتجات كالأفوكادو وزيت الزيتون وبعض المكملات الغذائية. “التغذية والرياضة والاستقرار النفسي والعاطفي… مثلّث أساسي يضمن توازناً سليماً بين الصحة الجسدية والنوم الصحيح وعملية الهضم من أجل التمتّع بحياة هانئة”، كما يختم الزبيدي.

 

https://hura7.com/?p=30615

الأكثر قراءة