الأحد, سبتمبر 8, 2024
23 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

كارين عبد النور ـ لقاحات “كورونا”… هل “خاطرنا بكلّ شيء” فعلاً؟

لقاحات “كورونا”… هل “خاطرنا بكلّ شيء” فعلاً؟

 بعد انقضاء نحو ثلاث سنوات على طرحه، أقرّت شركة “أسترازينيكا” بأن لقاحها المضاد لفيروس “كورونا” يُحتمل أن يسبّب آثاراً جانبية نادرة، وأبرزها: الإصابة بتجلطات دموية وانخفاض عدد الصفائح الدموية. اعتراف لم يأتِ من فراغ. ففي 2021، حدّد العلماء وجود صلة بين اللقاح ومرض نقص الصفيحات المناعية والتخثّر الناجم عن عنه.

وبدورهم، أكّد مستشارو المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، يومها، على ارتباط زيادة خطر الإصابة بالتهاب عضلة القلب بلقاحَي “فايزر” و”مودرنا”. هي مخاوف رافقت طرْح اللقاحات في خضم الجائحة وقسمت المجتمع العلمي بين متوجّس من أعراضها الجانبية ومقلّل من شأنها. فهل إن ضرر اللقاح أخطر من الفيروس نفسه على المديين المتوسّط والبعيد؟

بحسب ما أوردت صحيفة “الغارديان” البريطانية، تتمّ ملاحقة شركة الأدوية “أسترازينيكا” قضائياً في دعوى جماعية، حيث صرّح المحامون أن اللقاح تسبّب بآثار جانبية أدّت إلى إصابات خطيرة لا بل وفاة العشرات. فثمة 51 دعوى رُفعت أمام المحاكم العليا من عائلات تطالب بتعويضات عادلة جرّاء الضرر الحاصل. ورغم أن الدراسات أثبتت فعالية اللقاح بشكل كبير في معالجة الوباء، إنقاذاً لحياة أكثر من ستة ملايين شخص عالمياً في السنة الأولى من طرحه، غير أن إقرار “أسترازينيكا” الرسمي مؤخّراً أعاد تأجيج الجدل.

الجدل ليس بجديد. فمنذ الأشهر القليلة التي أعقبت طرْح اللقاحات وبعض العلماء والخبراء يحذّرون من الآثار الجانبية الخطيرة المحتملة. أحد أبرز هؤلاء كان الدكتور بيير كوري، أخصائي الرعاية الحرجة للرئة، الذي نبّه أواخر العام 2022 من أن تداعيات اللقاح تفوق تداعيات الفيروس. وما زاد المخاوف والشكوك هو عدم تجربة اللقاحات، بشكل كافٍ، قبل القيام بتسويقها، الأمر الذي لم تنفِه ممثلة شركة “فايزر” لدى مساءلتها عن الموضوع، قائلة: “كان يجب التحرّك بسرعة وقد خاطرنا بكل شيء”.

بالأرقام، تشير الإحصاءات الصادرة عن وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية (MHRA) أن ما لا يقل عن 81 حالة وفاة في المملكة المتحدة يُشتبه في ارتباطها بالتفاعل السلبي مع لقاح “أسترازينيكا”، ما أدّى إلى تجلطات دموية. وتؤكّد الإحصاءات نفسها على أن واحداً من كل خمسة أشخاص عانوا من هذه الحالة كان مصيره الموت. علماً بأن الشركة هي ثاني أكبر شركة مدرجة في المملكة المتحدة، حيث تفوق قيمتها السوقية 170 مليار جنيه إسترليني.

في اتصال مع جريدة “الحرّة”، ذكّر رئيس الهيئة الوطنية الصحية الاجتماعية في لبنان، الدكتور والبرلماني السابق اسماعيل سكرية، بأن اللقاح أثار جدلاً كبيراً منذ الأشهر الأولى لطرحه وبأن التخوّف من تداعياته السلبية ليس مستجدّاً. “لقد شكّكنا بمصداقية البحث العلمي حول الموضوع بشكل عام وأبدينا قلقنا كما حذّرنا مراراً وتكراراً من أن يكون ما يحصل مخطَّطاً له لأهداف استراتيجية واقتصادية. بنينا ذلك القلق على كتب قرأناها عن شركة “مونسانتو” الأميركية الناشطة في مجال التكنولوجيا الحيوية الزراعية والتي أشعلت جدلاً بسبب منتجاتها وأنشطتها، لا سيّما في مجال الهندسة الوراثية وتحديداً في الهند وجنوب العراق. إضافة إلى “خطة كيسنجر” لتخفيض عدد سكان العالم، ومذكّرة دراسة الأمن القومي الأميركية (NSSM 200) السرية التي هدفت إلى تقليل عدد سكان البرازيل من خلال تعقيم النساء للسيطرة على موارد البلد الطبيعية. كما كتاب “حقيقة شركات الأدوية” للكاتبة الأميركية مارشا أنجيل والذي تناول فضائح شركات الدواء العملاقة”.

من جهة أخرى، لم يشكّك سكرية بحقيقة أن فيروس “كورونا” فتك بأعداد كبيرة من البشر، لكن تسويق اللقاح على عجل طرح – ولا يزال – علامات استفهام كثيرة حول مصداقيته العلمية وتركيبته. وما زاد الشكوك هو حالة الاستنفار الإعلامي العالمي غير المسبوقة التي رافقت التسويق، إضافة إلى أسلوب التخويف والترهيب الذي اعتُمد ما فرض حالة من الرعب بين الناس. “يكفي أن نتذكّر الطريقة التي كان يُدفن فيها المصابون بعد وفاتهم رغم أن المتوفّى لا يمكنه نقل العدوى.

أطباء وعلماء كُثر حذّروا من اللقاح أو حتى تطرّقوا إلى تلاعب كان يحصل في تدوين أسباب الوفيات في المستشفيات، حيث كانت تُنسب بمعظمها إلى الفيروس. شهدنا عملية تجارية واسعة النطاق، إن من خلال اللقاح أو في اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR). ففي الولايات المتحدة وحدها، مثلاً، تتراوح أعداد الوفيات الناتجة عن الزكام ونزلات البرد بين 40 و50 ألف سنوياً. وفي هذا ما يبرز عملية التضخيم والتهويل التي حصلت على مستوى الأرقام”.

سكرية اعتبر أنه كان بالإمكان تشديد حملة التوعية من أجل اتّخاذ الاحتياطات اللازمة، كما الاهتمام بقطاع المستشفيات بدلاً من التهافت المزدحم على اللقاحات التي طرحتها شركات أدوية عملاقة تقف وراءها قوى عميقة همّها جني الأرباح. فكان العِلم أول المتضرّرين لأن النظريات والنظريات المضادة أربكته وأسقطت جزءاً من مصداقيته.

اليوم وقد وصلنا إلى ما وصلنا إليه، هناك من يسأل عن سُبل تجنُّب التداعيات السلبية للقاحات خصوصاً وأن حالة من الهلع والخوف بدأت تتسلّل إلى من تلقّوها. “الثابت حتى الساعة هو الأعراض السلبية التي فرضت نفسها، من تجلطات دموية إلى سكتات قلبية وضعف في الذاكرة، مروراً بتعب الأعصاب والشعور الدائم بالإرهاق. لكن ما من إحصاءات دقيقة بعد جزماً للتداعيات كما أن العِلم نفسه لم يتوصّل إلى تثبيت العلاقة السببية بين اللقاح والأعراض المذكورة. مؤسف أن يكون النظام الطبي هو الآخر خاضعاً لنفوذ المال… أمّا الذين أخذوا اللقاح، فلا حول ولا قوّة”. طبعاً، بانتظار أن يأتي العِلم بالكلمة الفصل في هذا الإطار.

 

https://hura7.com/?p=25041

 

 

 

الأكثر قراءة