الإثنين, سبتمبر 16, 2024
17.1 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

كارين عبد النور ـ حفلات الفنّانين الأجانب في لبنان: غموض العقود يثير الريبة الضريبية

يكاد لا يمرّ حدث في لبنان دون أن تفوح منه رائحة فساد أو مخالفات. حتى قطاع الفنّ لم يسلم من ذلك. أسماء كبيرة، من عمرو دياب إلى محمد رمضان فتامر حسني، كما أصالة نصري وكاظم الساهر وسواهم. وحفلات أسطورية بأسعار خيالية. لكن أين الشفافية في التصريح عن قيمة العقود الموقّعة مع الفنانين الأجانب؟ وإلى متى ستستمرّ “مافيا” المتعهدين وشركات الإنتاج، كما يذهب البعض إلى توصيفها، في سلب صندوق التعاضد الموحّد للفنانين اللبنانيين حقوقه؟

في ظلّ سرية المعلومات الضريبية، تبقى صورة التصاريح التي يتقدّم بها الفنانون، خصوصاً الأجانب منهم، ضبابية لناحية قيمة العقود الموقّعة وعدد البطاقات المباعة. وهذا ينعكس احتيالاً ومحاولة للتهرّب من الرسوم التي تستوفى لصالح صندوق التعاضد الموحّد للفنانين بموجب قانون تنظيم المهن الفنّية اللبناني رقم 56 والصادر سنة 2008. ارتكاب موصوف أبطاله أصحاب الثروات من متعهدي الحفلات وشركات الإنتاج. فهؤلاء يُتَّهمون بمراكمة جشعة لأموال طائلة على حساب الفنانين اللبنانيين، وبالتواطؤ أحياناً مع بعض الجهات المختصة.

تلاعُب بالأسعار

بناءً على القانون 56/2008 آنف الذكر، وتحديداً المرسوم رقم 3705/2016 منه، تستوفي وزارة المالية اللبنانية، لصالح صندوق التعاضد، رسماً مالياً بنسبة 2% من قيمة بطاقات الحفلات والنشاطات الفنّية التي يقوم بها الفنانون اللبنانيون على أنواعها، يضاف إليه رسم آخر بنسبة 10% على عقود الفنانين الأجانب. وتعود أهمية التصريح عن القيمة الحقيقية لعقود الفنانين وعدد البطاقات المخصّصة للبيع لانعكاسها على موارد الصندوق. فالأخير يغطي جزءاً من تكلفة التأمين إضافة إلى الرواتب التقاعدية للفنانين.

ونظراً للتلاعب بالأسعار بهدف التهرّب الضريبي، علت صرخة الفنانين المحليّين مطالبين وزير الثقافة اللبناني بالتصدّي لمافيات المتعهدين التي تسعى لهضم حقوق الفنان اللبناني. يأتي ذلك من خلال التحايل على القانون وإبرام عقود وهمية مع الفنانين الأجانب، تخفي المبالغ الحقيقية المدفوعة بهدف التهرّب من تسديد الضرائب المستحقة لخزينة الدولة ولصندوق التعاضد. كما طالب الصندوق بـ”ألّا يرضخ الوزير لهؤلاء، فيصدّهم ويلاحقهم ويزجّهم هُم ومن وراءهم في السجن لمخالفتهم القانون. إن حقوق الفنانين مال وقف ممنوع المسّ بها”.

صندوق التعاضد يتحرّك

توازياً وفي خطوة وصفها الفنانون بـ”الإنجاز الكبير”، صدر في 11 نيسان/أبريل الماضي المرسوم رقم 13043/2024، كتعديل للمرسوم المذكور أعلاه، يُلزم التأشير على جميع عقود الفنانين الأجانب من قِبَل صندوق التعاضد الموحّد للفنانين قبل إبرازه لدى الدوائر المختصة في وزارة المالية. كما يُلزم الدوائر المختصة في المديرية العامة للأمن العام اللبناني عدم إصدار تأشيرة لاستقدام أي فنان أجنبي للعمل على الأراضي اللبنانية في مختلف المهن الفنّية ما لم يبرز طالب التأشيرة إيصالاً يثبت تسديد رسم الـ10%، مرفقاً بصورة العقد مؤشّراً عليه من قِبَل الصندوق ووزارة المالية.

ويترافق ذلك مع تولّي إدارة الصندوق التحقّق من صحّة استيفاء الرسم ومكافحة أي تهرّب من أي نوع كان. إذ، من أجل ذلك، للإدارة حقّ المراقبة الميدانية في أماكن الحفلات أو العروض أو المهرجانات بواسطة مراقبين معتمدين من قِبَلها. فهل التزمت الأطراف المعنيّة جدّياً بالقرار؟

التطبيق في مهبّ الريح

في حديث لجريدة “الحرّة”، أشار رئيس مجلس إدارة الصندوق، ونقيب محترفي الموسيقى والغناء في لبنان، فريد بو سعيد، إلى أن الصندوق يقوم بتغذية ثماني نقابات مختلفة من خلال رسمَي الـ2% والـ10% اللذين يتقاضاهما من الفنانين اللبنانيين والأجانب توالياً. “يقوم الصندوق بتغطية 20% من قيمة بوالص التأمين للفنان اللبناني وعائلته بعد أن وصلت نسبة التغطية إلى 50% في مرحلة سابقة. إضافة إلى تأمين رواتب التقاعد وغيرها من التقديمات. وها نحن نعمل من جديد وقدر الإمكان لتحقيق نسبة أكبر من الجباية من أجل دعم هذا الصندوق”.

بالنسبة لموضوع الرقابة، أسف بو سعيد لأن يكون التلاعب في العقود ما زال سيّد الموقف كون المتعهدين وأصحاب شركات الإنتاج يسعون لإعلاء مصالحهم الشخصية على حساب مصلحة الفنان اللبناني. “ما يحصل هو محاولة للتهرّب الضريبي من خلال عقود وهمية. صحيح أننا تمكنّا من الاستحصال على مرسوم التأشير على العقود قبل تحويلها إلى المالية، ذلك أننا نعلم جيداً القيمة الفعلية لعقود مماثلة، غير أن الأمور لم تُضبط بشكل كامل، حيث ما زلنا نواجه تمرير بعض العقود في المالية قبل التأشير عليها من قِبَلنا. نناشد الأمن العام الالتزام بروحية هذا المرسوم وتطبيق القانون منعاً لأي محاولة تلاعب”.

وإذ يبقى “آخر الدّاء الكيّ”، رأى بو سعيد أن اللجوء إلى القضاء سيشكّل الملاذ الأخير إذا ما استمرّ التخلّف عن الدفع، متمنّياً من كافة المتعهدين وشركات الإنتاج الالتزام بالقرار للنهوض مجدّداً بواقع الصندوق، لا سيّما بعد الظروف الكارثية التي كابدها نتيجة أزمات لبنان المتتالية.

ما من أرقام واضحة حتى الساعة توضح حجم التفلّت الضريبي ونسبة الأرباح التي حقّقها المستفيدون على حساب لقمة عيش الفنان اللبناني. فمع الترحيب الكامل بكلّ فنان يأتي إلى لبنان لزرع بسمة، ولو عابرة، على وجوه أهله، هناك من يسأل: إلى متى العبث بالحقوق المهدورة؟

 

https://hura7.com/?p=31753

الأكثر قراءة