الخميس, سبتمبر 19, 2024
16.2 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

كارين عبد النور ـ مهندسو لبنان الزراعيون في يومهم: لِدور يواكب الطاقات

يحلّ في التاسع من أيلول/سبتمبر من كلّ عام يوم المهندس الزراعي العربي. وهو تقليد يعود لسنة 1994 بناء لقرار صادر عن اتحاد المهندسين الزراعيين العرب، نظراً لدور المهندس الزراعي على صعيد تطوير القطاع الزراعي العربي وزيادة الوعي لأهمية الهندسة الزراعية في تحقيق التنمية المستدامة والأمن الغذائي.

لبنانياً، يواجه المهندسون الزراعيون تحدّيات جمّة لا سيّما بعد استفحال أزمة البلد الاقتصادية قبل سنوات. تحدّيات تبدأ بارتفاع تكاليف الإنتاج وغياب القدرة على تطوير التقنيات الزراعية الحديثة؛ وتمرّ بشحّ المياه وتدهوُر الأراضي الزراعية وضعف البنية التحتية؛ وتصل إلى نقص الاستثمار في البحث العلمي الزراعي وغياب الدعم الحكومي؛ ناهيك بتداعيات التغيّر المناخي ومخاطر التلوّث البيئي.

معاناة

تقول رئيسة فرع المهندسين الزراعيين (الفرع السابع) في نقابة المهندسين في لبنان، الدكتور فيكتوريا دواليبي، لجريدة “الحرّة” إن الأزمة الاقتصادية تسبّبت بخسائر فادحة في القطاع الزراعي، ما أدّى إلى تقليص المشاريع الزراعية. “أسفر ذلك عن تراجُع فرص العمل أمام المهندسين الزراعيين وبالتالي تدنّي رواتبهم، ما ضاعف من حدّة الصعاب التي يواجهونها. فكانت النتيجة اضطرار عدد كبير منهم للهجرة بحثاً عن فرص أفضل في الخارج، ما انعكس نقصاً في الكفاءات المحلية في هذا المجال الحيوي”.

من جهة أخرى، أسهم نقص التمويل والموارد في تدهوُر خدمات الدعم الفني والإرشاد الزراعي وارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات والبذور، إلى جانب شحّ العملات الأجنبية ما جعل العمل الزراعي يعجّ بالتعقيدات. “تحت وقع الضغوطات، بات المهندسون الزراعيون بحاجة للابتكار والمرونة لتقديم حلول فعّالة. وكردّ فعل، بدأ بعضهم بالتركيز على مشاريع صغيرة ومبادرات فردية لتحسين أوضاعهم الشخصية”.

بعض المعوّقات ليس بجديد، على حدّ قول دواليبي، حيث أن ثمة العديد من المشكلات القديمة ومردّها إلى غياب خطة استراتيجية شاملة لمواجهة التحدّيات الاقتصادية والمناخية طويلة الأمد والشاخصة بوجه القطاع الزراعي اللبناني. هذا إضافة إلى النقص في التشريعات الفعّالة المحدِّدة لدور المهندس الزراعي، وعدم تحديث القوانين المتعلّقة بالقطاع، بما فيها تنظيم استخدام المبيدات والأسمدة ودعم الزراعة العضوية والمستدامة. ثم هناك عدم استغلال إمكانات القطاع بشكل كامل، إذ بقي الاعتماد بشكل رئيس على أساليب وتقنيات زراعية تقليدية وقديمة.

 

النقابة تسعى

نتابع مع دواليبي ونسأل عن أبرز الخطوات التي قد تساهم في نهضة القطاع، فتتحدّث عن ضرورة رفع منسوب الاستثمار في الأراضي، ما من شأنه أن يوفّر فرصاً أكبر للمهندسين الزراعيين، مع نشر الوعي حول التقنيات الزراعية الحديثة وتدريب المزارعين على الأساليب الجديدة (مثل الزراعة الذكية والممارسات البيئية المستدامة). وأشارت إلى أهمية تعزيز الشراكة بين القطاع الزراعي والجامعات ما يسهم في دعم دور المهندس، ويتيح استخدام المعلومات والدراسات في تطوير خطة زراعية شاملة. كما أن التعاون مع البلديات والجهات المحلية لتطبيق حلول زراعية مستدامة يُعتبر خطوة أساسية تعزيزاً للقطاع وضماناً لاستدامته.

من ناحيتها، تعمل نقابة المهندسين على تمثيل المهندسين الزراعيين والدفاع عن حقوقهم، وتسعى إلى زيادة تمثيلهم في مختلف القطاعات الحكومية والبلديات. “تركّز النقابة على تقديم الدعم المهني لأعضائها من خلال تنظيم دورات تدريبية، ومؤتمرات، وورش عمل تهدف إلى تعزيز المهارات التقنية وتشجيع الابتكار في القطاع. كما تلعب دوراً مهماً لناحية التوعية حول محورية الزراعة المستدامة والطبيعية في مواجهة التحديات البيئية والاقتصادية، وتدفع باتجاه وضع سياسات وتشريعات داعمة للزراعة العضوية وتُنظّم استخدام المبيدات والأسمدة الكيميائية”.

كذلك، تشجّع النقابة المهندسين الزراعيين على المشاركة في مشاريع ريادية، خصوصاً في مجالات الزراعة المستدامة والعضوية. وتوفّر الدعم الفنّي والتوجيه لأعضائها الراغبين في إطلاق مشاريع جديدة أو تطوير مشاريع قائمة، كمشروع دعم المهندسين وبرامجهم بالتعاون مع مؤسسة “Berytech”، الذي سينطلق في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

قوانين ورؤية مستقبلية

في الثاني عشر من الشهر الماضي، جرى رفع اقتراح قانون إلى وزارة الزراعة اللبنانية، يتعلّق بتجارة الأدوية والمبيدات، بهدف إقراره في مجلس النواب. ويمكّن هذا القانون من مدّ المهندسين الزراعيين بدعم ملموس وبطُرق متعدّدة، منها ضمان شرعية استخدام الأدوية والمبيدات، ما يسمح لهم بتوفير مشورة أكثر دقة وفعالية للمزارعين عبر الوصفات الزراعية. دون أن ننسى تنظيمه للاستخدام المفرط للمبيدات والكيماويات لغرض تعزيز حماية البيئة والموارد الطبيعية، والتخفيف من الأعباء الصحية على المواطنين، فضلاً عن دعمه للاستدامة في القطاع.

دواليبي تمنّت أن يتمّ إقرار القانون المذكور بأسرع وقت ممكن. ولفتت إلى أنها تسعى (مذ تسلّمت رئاسة الفرع السابع في نقابة المهندسين) جاهدة لوضع تصوّر مستقبلي ورؤية واضحة لتحسين وضع المهندس الزراعي. “شاركنا هذه الرؤية مع زملائنا المهندسين من خلال الجمعية العمومية التي تُعقد دورياً كل ستة أشهر، بحضور عدد من المهندسين الذين يقدّمون تصوّراتهم وخبراتهم لخدمة الجميع. وتعتمد خطتنا على تطوير التشريعات والسياسات الداعمة للمهنة والمحسِّنة لظروف العمل، توازياً مع تعزيز معايير الأمان وضمان حماية حقوق المهندس الزراعي. نجهد لإقرار نظام الرُخص لأصحاب اختصاص هندسة الحدائق، وقانون استيراد وبيع الأدوية الزراعية. ونعمل على تحسين واقع الفاتورة الطبية التي تخفّف عن كاهل المهندس والنقابة على السواء، خصوصاً بعد ازدياد حالات الإصابة بمرض السرطان بين المهندسين مؤخّراً والتي تخطّت الـ700 حالة تقريباً”.

يأتي ذلك في ظلّ استمرار جهود تفعيل العمل الهندسي وتشجيع أوسع مشاركة، مع التركيز على الأفكار الجديدة والواعدة. ومن الخطوات العملية، تنظيم ورش عمل لتحديث المهارات والتعريف بأحدث التقنيات الزراعية؛ تعزيز حملات التوعية لزيادة الوعي حول دور المهندس الزراعي في تحقيق الأمن الغذائي والاستدامة البيئية؛ وتفعيل تمثيل المهندسين في اللجان الحكومية والمجالس الاستشارية لضمان مشاركتهم الفعالة في صنع القرار.

 

صرخة العيد

بمناسبة يوم المهندس الزراعي العربي، قامت دواليبي الأسبوع الماضي، في لفتة خاصة تجاه المهندسين الزراعيين، بتنظيم رحلة وجهتها منطقة الشوف اللبنانية لتسليط الضوء على أهمية المدرجات الزراعية ودور النحّالين. وجرت زيارة مشغل جباع الشوفي الذي افتُتح العام 2022 لتعزيز الزراعة المستدامة ودعم تصريف إنتاج المزارعين المحليين.

“شكّلت الرحلة فرصة قيّمة للمهندسين للتواصل وتبادُل الأفكار والخبرات على مستوى التعاون المهني في مشاريع زراعية مستقبلية. كما هدفت إلى نشر الوعي حول أهمية

الزراعة المستدامة، وحماية الموارد الطبيعية، والحفاظ على التنوّع البيئي”. ومن أرض الشوف، أطلق بعض المشاركين صرخة من رحم معاناة قديمة – جديدة، علّها تحثّ الجهات المعنية على تكثيف الجهود لتحسين واقعهم والخروج بنتائج ملموسة. وتبقى التحية موصولة للمهندسين الزراعيين العرب أينما حلّوا.

 

https://hura7.com/?p=33081

الأكثر قراءة