الأحد, نوفمبر 9, 2025
21.4 C
Beirut

الأكثر قراءة

إصدارات أسبوعية

30 تموز: ذكرى إنسانية عالميّة ومرآة لأعطاب الجمهورية اللبنانية

بسام ضو

 

جريدة الحرة ـ بيروت

هل يُدرك المسؤولون اللبنانيون أنّ منظمة اليونسكو كانت قد اقترحت مبادرة بعنوان “اليوم العالمي للصداقة”، فاعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار رقم 13/52 بتاريخ 20 تشرين الثاني 1997؟ هذا القرار حدّد أنّ ثقافة السلام تتشكّل من منظومة من القيم والمواقف والتقاليد وأنماط السلوك وأساليب الحياة التي تعبّر عن التفاعل والتكافل الاجتماعيين، وتستند إلى مبادئ الحرية والعدالة والديمقراطية، وحقوق الإنسان كافة، والتسامح والتضامن، كما ترفض العنف وتسعى إلى منع نشوب النزاعات من خلال معالجة جذورها.

وهل يُدرك المسؤولون اللبنانيون أيضًا أنّ هناك يومًا عالميًا لمناهضة الاتجار بالبشر؟ وهو اليوم الذي يعكس بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، المكمّل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة، والمعروف بالقرار A/RES/68/192.

أيّها المسؤولون، إنّ يوم 30 تموز من كل عام يُخصَّص عالميًا لهاتين المناسبتين، بهدف ترسيخ قيم الصداقة الإنسانية ومحاربة استغلال البشر، بما يعزز من بناء عالم أكثر عدالة وسلامًا. أما في الجمهورية اللبنانية، فلا أثر يُذكر لهذه القيم، فلا صدق يُعزَّز، ولا إنسان يُحترَم، ولا نية تُبذل لتجاوز الحواجز الطائفية والمذهبية التي خلّفتها الحروب، بل يُكرّس خطاب الكراهية والانقسام، مما يجعل السلام والطمأنينة حلمًا مؤجلاً.

أيّها المسؤولون، في وقتٍ يعلو فيه ضجيج الانقسامات، وتستعر فيه الحروب والعنف والدمار، ويشتدّ فيه القلق والخوف، تغدو الصداقة فعلًا مستحيلًا في لبنان المنكوب، ويغدو الحوار غائبًا، والنية الصافية أمرًا نادرًا. المواطن اللبناني بات غريبًا عن أخيه، عاجزًا عن تقبّل الآخر، وهذه مسؤوليتكم أنتم، الذين لا تبالون.

إنّ الجمهورية اللبنانية ومؤسساتها المدنية والعسكرية وشعبها جميعًا، يرزحون تحت وطأة تضليلٍ ممنهج تمارسونه عمدًا. إنّ الدعوة إلى الصدق والصداقة في الممارسة السياسية ليست ترفًا، بل ضرورة قانونية وأخلاقية ودستورية، تفرضها المصلحة الوطنية العليا. ومن هذا المنطلق، يطلق المركز الدولي للأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية (PEAC) نداءه نحو بناء جمهورية جديدة، قائمة على الحكّام الصادقين، والمؤسسات النزيهة، والشعب الآمن بوطنه وماضيه وحاضره ومستقبله.

أيّها المسؤولون، اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر يُحتّم عليكم، بصيغة الإلزام، الالتزام بالآليات والمواثيق التالية:

  • الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)
  • الاتفاقية الخاصة بالرق (1926)
  • الاتفاقية التكميلية لإبطال الرق وأشكاله الحديثة (2000)
  • اتفاقية حظر الاتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير (1949)
  • البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلالهم في البغاء والإباحية (2000)
  • البروتوكول الاختياري بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة (2000)
  • اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 بشأن حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال (1999)
  • النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية

أيّها المسؤولون، الشعب اللبناني يتعرض اليوم، في ذكرى هذين اليومين العالميين، لأشكال متعددة من الاتجار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمعنوي، حيث يعاني من البطالة، والهجرة، والاستغلال، فيما يُجبر الأطفال على العمل القسري، ويمتلئ الشارع بمشاهدهم بين المارّة والسيارات.

تعدّدت أسباب هذه الكارثة، وأبرزها: انعدام الأخلاق المهنية، وغياب الضمير السياسي، وعدم احترام القانون والدستور وشرعة حقوق الإنسان، والتبعية للخارج التي تُفاقم الأزمة الوطنية، والتلاعب بالقانون الانتخابي وتفصيله على قياس طبقة سياسية فاسدة.

في هذا السياق، يعمل المركز الدولي للأبحاث (PEAC)، بالتعاون مع منظمات دولية، على إعداد بروتوكول لبناني–أممي يستند إلى شرعة حقوق الإنسان والدستور اللبناني، ليكون تعبيرًا صادقًا عن صوت الشعب، ودعوة إلى تكامل الأدوار بين المؤسسات القضائية والتشريعية والأمنية والحقوقية.

أيّها المسؤولون، احترموا وجودنا وشعورنا وحريتنا. إنّ هذا العمل سيوجّه صفعة قانونية لأفعالكم غير الشرعية، ويُعدّ رسالة واضحة إلى كل سياسي شريف وكل ضمير حي، نؤكد من خلالها التزامنا بالدفاع عن المواطن اللبناني، وحقوقه، وكرامته، في ظل تشريعات وطنية ومعايير دولية، هدفها وقف التدهور، وتشكيل حكومة سيادية تُجسّد آمال الناس وتُمهّد لإصلاح شامل يعيد الاعتبار للجمهورية اللبنانية كدولة حرّة، سيدة، مستقلّة، وعدالة جامعة.

كاتب وباحث سياسي – أمين سر المركز الدولي للأبحاث السياسية والإقتصادية والإجتماعية PEAC

https://hura7.com/?p=62889

الأكثر قراءة