الخميس, سبتمبر 19, 2024
22.9 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

كيف فقد العالم ثقته بالأمم المتحدة في حفظ الأمن والسلم الدوليين؟

فورين أفيرز – لفت تحليل لمجلة “فورين أفيرز” إلى أن دور الأمم المتحدة في حل النزاعات تعرض لهزات كبيرة خلال الفترة الأخيرة، بفعل الصراعات الجارية، بدءا بالحرب على أوكرانيا ومرورا بأحداث الاقتتال في السودان، وصولا إلى الحرب الجديدة بين إسرائيل وغزة. ورغم أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، شكل لعقود، وقود خلاف أساسي بين أعضاء هيئة الأمم المتحدة، إلا أن الحرب الجديدة، تطرح عدة تساؤلات بشأن مستقبل الهيئة الأممية التي ولدت في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وفق تقرير المجلة .

ويقول دبلوماسيون في الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف إن الأزمة الجارية “تبدو مختلفة، وإن آثارها يمكن أن تمتد إلى ما هو أبعد من إسرائيل وقطاع غزة لتصل إلى الأمم المتحدة نفسها”. وخلال الفترة الأخيرة، بدت الأمم المتحدة غير قادرة حتى على الاستجابة لأزمات متوسطة المدى، مثل أعمال العنف في السودان وناغورني قرع باغ، والانقلاب في النيجر.

“صدع كبير”

يقول دبلوماسيون إن التوترات بين روسيا والغرب بشأن أوكرانيا -الذي شكل موضوع عشرات المناقشات غير المثمرة في الأمم المتحدة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022-  قوضت المناقشات حول قضايا غير ذات صلة في أفريقيا والشرق الأوسط. وفي سبتمبر الماضي، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في الاجتماع السنوي للجمعية العامة من أن “صدعا كبيرا” في نظام الإدارة العالمي يلوح في الأفق.

وبحسب تحليل المجلة، فإن الحرب بين إسرائيل وحماس تهدد بتوجيه “رصاصة الرحمة” على مصداقية الأمم المتحدة في الاستجابة للأزمات. وجاء في التحليل بالخصوص “قريبا سوف تواجه الأمم المتحدة مسألة الكيفية التي تستطيع بها أن تساهم في تحقيق السلام والأمن في وقت تتقلص الأرضية المشتركة بين القوى العظمى يوما بعد يوم”.

ومن بين الحلول التي يقترحها التحليل لإعادة بعث الدور الفعال للأمم المتحدة، “التركيز على عدد محدود من الأولويات وتسليم مقاليد إدارة الأزمات الثانوية لمنظمات أخرى عندما تستطيع ذلك”. وتابع التحليل “حتى عندما تبدو الدول المتنافسة وكأنها تتخلى عن الدبلوماسية، فإن المؤسسة تظل مكانا يستطيع فيه الخصوم مناقشة خلافاتهم وإيجاد فرص للتعاون”.

وبدأت أزمة الثقة في الأمم المتحدة في التصاعد منذ الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا. وفي الأسابيع التي تلت الغزو، أعرب دبلوماسيون عن قلقهم من أن تؤدي التوترات بين القوى العظمى إلى إصابة الأمم المتحدة بالشلل.

في البداية، بدا الأمر كما لو أن مخاوفهم كانت في غير محلها، حيث انخرطت روسيا والولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون في مناقشات حول الحرب في أوكرانيا، واستمروا -على مضض- في التنسيق بشأن مسائل أخرى، ضمن إطار الأمم المتحدة.

وقتها، تابعت الهيئة الأممية عملها بقوة، حيث تمكن مجلس الأمن، على سبيل المثال، من فرض نظام عقوبات جديد على العصابات التي تنشط  في هايتي، والاتفاق على تفويض جديد للأمم المتحدة للعمل مع حكومة طالبان في كابول لتوصيل المساعدات إلى الأفغان الذين يعانون، كما بدت كل من روسيا والغرب على استعداد لاستخدام  الأمم المتحدة كفضاء للتباحث.

وفي الوقت نفسه، حشدت الولايات المتحدة وحلفاؤها دعما كبيرا لأوكرانيا في سلسلة من عمليات التصويت في الجمعية العامة لإدانة العدوان الروسي. وحتى الأشهر الأولى من هذا العام، كان العديد من الدبلوماسيين يأملون أن تحتفظ الأمم المتحدة بقدرتها على العمل المشترك حتى مع مواجهة العديد من أعضائهابعضهم بعضا بشأن الحرب في أوكرانيا.

بعد فترة، أدى استمرار الحرب في أوكرانيا والتوترات في الشرق الأوسط إلى تفاقم الاحتكاكات الدبلوماسية بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وفرض ذلك ضغوطا هائلة على الأمين العام الأممي، أونطونيو غوتيريش، الذي ناضل، من أجل إبقاء عمل المنظمة في إدارة الصراع على المسار الصحيح.

تراجع

في مناطق الاضطرابات مثل السودان ومالي وجمهورية الكونغو الديمقراطية، رفضت الحكومات والأطراف المتحاربة العمل مع وسطاء الأمم المتحدة أو طالبت بانسحاب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، لإدراكها أنها من غير المرجح أن تواجه أي عقوبات حقيقية نتيجة لذلك.

في المقابل، تمكنت المنظمة من الحفاظ على وجودها الإنساني في أماكن مثل أفغانستان، لكنها واجهت نقصا متزايدا في التمويل، حيث قام العديد من المانحين الغربيين بتخفيض ميزانيات المساعدات لصالح  المساعدات العسكرية والإنسانية لأوكرانيا.

في الأثناء، وجد غوتيريش نفسه عالقا في مرمى “النيران الدبلوماسية” بشأن الأحداث في الشرق الأوسط. وبعد أن قال إن هجوم حماس على إسرائيل “لم يحدث من فراغ” في خطاب ألقاه أمام مجلس الأمن في 24 أكتوبر، دعته إسرائيل إلى الاستقالة وقلصت تعاونها مع مسؤولي الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة.

ونفى غوتيريش تفسير كلماته على أنها مبرر لما أسماه “الأعمال الإرهابية” التي تقوم بها حماس، بينما هبت دول أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، للدفاع عنه. لكن الطريقة التي تحول بها هذا التعليق إلى حادثة دبلوماسية تؤكد مدى ارتباط عمليات المساعدات التي تقوم بها الأمم المتحدة للخلاف السياسي. وقال الأمين العم للأمم المتحدة: “وكانت نقطة الضعف هذه، واضحة على أرض الواقع أيضا، فقد قُتل ما يقرب من 100 من موظفي الأمم المتحدة في غزة منذ بدء الحرب” يلفت التحليل”.

وبغض النظر عن الكيفية التي تنتهي بها الحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا، فإن الاتجاهات في الأمم المتحدة تشير إلى مشاكل قادمة، وفق ذات التحليل. ومن المرجح أن يستمر الانقسام الدبلوماسي ونقاط الضعف العملياتية التي تعاني منها المنظمة الآن أو تتفاقم مع اتساع الانقسامات العالمية.

الأكثر قراءة