الأحد, أكتوبر 6, 2024
7 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

المطلوب رئيس لبناني يسترجع الدولة من كنف خاطفيها. بقلم بسّام ضو

بقلم: بسّام ضو، كاتب وباحث سياسي

تكثُر في المرحلة الراهنة مساعٍ إنقاذية تشمل عناوين عديدة منها، على سبيل المثال لا الحصر، وقف القتال في لبنان، أو بالأحرى وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، وضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية كي تنتظم المؤسسات.

المشكلة أننا نتغاضى عن جوهــر المشكلة في لبنان، وأغلبية الوافدين إلى الجمهورية اللبنانية يحملون مبادرات فارغة من أي مضمون عملي للحدّ من الأزمات المستفحلة عندنا. وأغلب الظن أنّ القيادات السياسية اللبنانية والمراجع الروحية المسيحية والإسلامية يُعالجون قشور الأزمة ويُحاولون وضع حدّ لها عبر الأطراف المتنازعة، والتي أثبَتَتْ الأيام والظروف أنهم السبب في هذه الأزمات المتشعبة سياسياً – أمنياً – إقتصادياً – إجتماعياً.

لا مستقبل بدون حلّ جذري يقوم على القواعد الدستورية وشرعة حقوق الإنسان والمحافظة على السيادة التامة والناجــزة، ويوماً بعد يوم تتسِّم أوجه الخطاب السياسي والمجتمعي الرغبة الجذرية في استنباط الحلول السليمة، وفي نفس الوقت يتضّحْ أننا لا نكاد نتقدّم إلى الأمام بسبب المنظومة السياسية القائمة.

هناك نقاشات حول قضايا ملحّة مثل «خرق السيادة الوطنية» و«السلاح غير الشرعي» و«منظومة سياسية لا تحترم أصول العمل السياسي»، ولكنها للأسف لا تأخذ مداها في النقاشات المستفيضة ولا تصل إلى أي نتائج. والدليل ما آلتْ إليه الأمور في المرحلة الحاضرة من فراغ في مقام رئاسة الجمهورية والخلافات بين المكوّنات السياسية اللبنانية وتحديداً تلك المستعرة بين المكونات المسيحية على الإستحقاق الرئاسي، إضافة إلى الحرب مع إسرائيل والتمادي في قصف الأخيرة للأحياء السكنية موقعةً العديد من الضحايا دونما تحريك ساكن داخلياً وإقليمياً ولا حتى دولياً. وفي المحصّلة تكون نتيجة المراجعات «هذا هو نتاج الساسة الذين انتخبتموهم، دبّروا أموركم».

لكل متعاطٍ في الشأن العام، نعلم جميعاً مدى الدمار والفوضى اللذين لحقا بالجمهورية اللبنانية، وكم عانى ويُعاني شعبنا من الويلات وخصوصاً في الفترة الحاضرة، حيث قرّر فصيلاً لبنانياً لا يتمتّع بأي شرعية دستورية، ولكنه يستظل بياناً إنشائياً صدر في البيانات الوزارية الحكومية ومضمونه «جيش – شعب – مقاومة» حيث أثبت فشله الذريع على كافة المستويات. وها نحن اليوم ندفع ثمن الصراع الإقليمي – الدولي بإرادة شبه لبنانية.

أجيالنا هاجروا ولم يعرفوا سوى الحرب وهم يحتاجون إلى الأمن والإستقرار والسيادة التامة والناجزة. ولا يمكن العمل على انتخاب رئيس جديد للجمهورية على نفس الأُسُسْ التي أدّتْ إلى ما نحن عليه اليوم. إنّ العودة إلى ما كان يُمارس في الماضي ليس الخيار السليم وهذا الأمر يجب أن يتداركه كل من يسعى لحل الأزمة الرئاسية. وبصريح العبارة «لا لأي رئيس لإدارة الأزمة بل لرئيس جمهورية ورئيس حكومة يسعيان للبدء بحـل الأزمة اللبنانية».

إنّ مصلحتنا كشعب لبناني حــرْ تتلخص في العـودة إلى الدستور وقانون الدفاع الوطني والاتحاد كشعب مقدام، شجاع، مثقّف، بطل، حول رؤية لمستقبل بلدنا وحول تطلعات لحياة كريمة حرّة وآمنة وسلامة أراضينا، والقيام ببحث حقيقي عن المخارج التي بإمكانها إعادة الأمور السياسية إلى نصابها السليم. إننا بحاجة إلى تغيير المسار السياسي المنتهج من قبل الساسة ورجال الدين، مسيحيين ومسلمين، على قاعدة الشريك الوطني الموثوق فيه وعلى قاعدة التعاطي السليم مع المجتمعين العربي والدولي.

لذلك تقع على عاتقنا مسؤولية إتخاذ الخطوات المنصوص عليها في الدستور اللبناني وفي طليعتها، قبل كل شيء، بند حلّ الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، ومن ثمّ التطبيق التدريجي لما ورد في وثيقة الوفاق الوطني من بنود، كما تطبيق ما ورد من قرارات دولية وإتخاذ الخطوات في الإتجاه الصحيح حيث على الرئيس الذي يُنتخب، وبمعية حكومته، تطبيق مندرجات القرارات الدولية وفي طليعتها القرار 1701.

وليكن معلوماً أنّ نص هذا القرار واضح وليس بحاجة لأي تفسير ونطاقه ليس جنوب الليطاني حصراً، ولا حتى كل الأراضي اللبنانية فقط، بل يمنع بوضوح أي دولة أو أي جهة مهما علا شأنها من بيع أو إرسال السلاح أو حتى تقديم السلاح أو أي معدات أو مساعدات عسكرية أو مرورها عبرها برّاً، بحراً وجوّاً, كما يمنع تدريب أو تجهيز أي كيان عسكري وشبه عسكري غير الجيش وسائر القوى الشرعية.

منطقنا هو إسترجاع الدولة من كنف خاطفيها لكل أبنائها بعيدَا عن مناحة السلاح غير الشرعي والتبعية والإرتهان، ولا رئاسة لإدارة أزمة ولا رئيس تابع ومرتهن لقوى الأمر الواقع. وليكن معلوماً أن الساسة الحاليين لا يمكنهم إنتاج منظومة سياسية لأنهم مجرّد قوى إنهزامية مرتهنة للخارج يشوبها الغدر والإرتهان. فهم من ألغوا فكرة «الجمهورية السيّدة القوية» ومن أخلّوا بالتوازن، وهم من شرذموا الشعب، وهم من سهّلوا للغريب كي يضع يده على الوطن.

مشروعنا إيصال رئيس قوي حر، ومشروعهم يتوّسل كل الوسائل للوصول إلى الإستمرارية في السلطة. لذا نرفض البحث عن رئيس خنوع مقامر مخادع على طراز هذه الطبقة الحاكمة، والله يشهد أننا بلّغنا.

 

https://hura7.com/?p=34571

الأكثر قراءة